الأربعاء، 21 مايو 2025

بغير قمة العراق في القمة

 

بغير قمة العراق في القمة

بغداد : مصطفى منيغ

أَلِف العرب منذ قِدَمِ القِدَم ، التوافد على العراق وقد كان من الأمصار الأهَم . بَدْءٌ لبدايات رصَّعت على الأرض مسيرة بني آدَم ، للتدرُّجِ عَصْراً بعد عصر نحو العُلَى كنور انبلج بعد ظلاَم ، يلج مع كل فجر مساحة ستظل مميّزة على الدوام ، باحتضان منابع لها مع العلياء التواصل الأقْوَم ، كل الأتقياء الأوائل به أعلَم ، مُنطلِقة منهم حدود المُباح المُمكن قبل ظهور الاستلام ، مُعَبِّداً سُبل انفتاحِ الألْبابِ على إيمان مانح الأفئدة الشعور بالراحة في أمنِ وسلام . ويصل الخليفة هارون الرشيد كقدرٍ مُقدَّرٍ ليختصر حضارة حضارات العراق في تشييد بغداد لتكون تحفة متحف عرفانِ حقبٍ و تعاقب أقْوَام ، أستاذة تُدَرِّس في الدنيا لينهض فيها العجمي وينفض عن كيانه غبار العجز أو العدَم ، ففازت بالرائدة دون رفع شعارات ولا انحازت لصبغ الواقع بما مرَّ على تأسيسها من أعوام ، بل بمناشدة ما أفرزه لها البحث العلمي من مبتكرات نبغائه تدفع بتطوُّرها الايجابي إلى الأمَام ، إلى أن حلَّت بها الكارثة العُظمى تُحرِق تقدُّمها بسلاح الولايات المتحدة الأمريكية انتقاماً ممَّن رأت فيه خطراً داهما على مصالحها لتخرجه من حفرة في منظر هزَّ العالم .

... ما كانت العراق في حاجة لقمة عربية لتظهرَ في الصُّورة قادرة على جمعِ ما لا يُمكن جمعهم ولو في الأحلاَم ، ولو كان الخير في جمعهم لبزغ قبل وصول عدد مرات اجتماعهم الثلاث والثلاثين مرة ، داخل جامعة بلغَ عمرها الثمانين ولم تستحيي بعد مِن الشعوب العربية منها متذمرة ، أكان في المغرب العربي مقامهم أو المشرق كأصبر الأمم ، على جامعة تأسست ليعشش الفشل متى أرادت التدخُّل لحل مشكلة سبقتها الخيبة المستمرَّة ، حتى إدا دخلت تصدت لها سامحة بتكرار نفس الثرثرة ، وتعود لحال سبيلها (بعد سياحة مُعتبرَة ، جمَّدت الحركة العمومية في كل ساحة أو حارة  ، تمرُّ منها قوافل فرسانها  المحروسين بألف عين مُحمّرة ، يشعُّ منها هلع تنثره بين الأبواب والجدران والنوافذ وأسطح أي بناء عشوائي أو التصاق عمارة بعمارة ،  استباقاً لدَحْطِ كل مناورة ، تخدش حرمة محيط شَرّفَه مرور دعاة تحرير فلسطين بعد قمتهم هذه مباشرة) ، محمَّلة بثقل "شكر" مُتبادل بين أعضائها ، أصحاب الجلالة والمهابة والفخامة والسمو نجوم هذه الحضارة .

ما كانت العراق في حاجة لعقد مثل القمة حتى تعلن تخصيصها أربعين مليون دولار صدقة تتقاسمها كل من فلسطين ولبنان ، تُوضع في صندوق خاص مفتوح أمام أريحية دول أخرى عربية السمات ، عسير عليها حقيقة صرف أي مبلغ لبناء ما هدمته إسرائيل  ، وكأنها معترفة بما حصل ومستعدة لإعادة أعمار ما يجده ذاك الكيان المارق مدعاة للهدم من جديد وهكذا دواليك ، وفي العراق مِن أبنائه ما هم في أمس الحاجة لمثل المبلغ (رغم تواضعه) لتحسين ظروف معيشتهم ، التي وصلت في الوقت الحالي ، إلى مستويات تدين بشدة القائمين على توزيع الثروة الوطنية على الجهات ، ومطالبتهم باعتماد الإنصاف والعدل في ذلك ، بغير انحياز لمنطقة أو جهة دون أخرى . لو كان لقمم الجامعة العربية مكانة لأرغمت إسرائيل الكف عن غيها ولحاسبتها عن كل شبر تضرَّر بسبب قصفها لكل من فلسطين ولبنان وسوريا واليمن والعراق ذاتها ، ولوقفت بما يملك أعضاؤها من جيوش مسلحة بأحدث ما يمكن استعماله للدفاع عن الحق العربي بالمفهوم الشامل ،  والنصر النهائي على أكثر من إسرائيل ، لكنها جامعة لا يجد المتمعن النزيه المحايد حسنة واحدة منسوبة لها ، مما جعل الغرب لا يعيرها أي اهتمام ، فقط  يجامل قادة بعض الدول العربية  لارتباطه بهم عن طريق تحالفات أو اتفاقيات مهما كانت المجالات المدنية أو العسكرية ، ولولا ذلك لما حضر من الغرب أي مسؤول وطني أو دولي ، لمتابعة جلساتها المتكررة شكلاً ومضموناً ، حتى مقرراتها لا تتعدى صلاحياتها التوقيت المذاعة فيه ، بعدها لا شيء على الإطلاق ، ولو سأل السائل إسرائيل عن هذه الجامعة ، ردت بسؤال موجه للسائل ، إن كان للعرب حقا جامعة ؟؟؟.

لم تكن بغداد على نفس الوصف المذاع من طرف وسائل مسموعة أو مرئية طيلة أسبوع قيل عقد القمة وأيضا أثناءها ، وإن ساد الهدوء محيط  المطار لغاية مقر الاجتماع المطوق بحراسة  أهمها غير مرئية لم يسبق لها مثيل بنسب ومشاركة كل الأجهزة الأمنية وعناصر من الجيش ، وفي المقدمة المخابرات العراقية بكل نبغائها المعتمدين أثناء المهام الأكثر تعقيداً ، المدربين داخلياً وخارجياً على أعلى مستوى ، إضافة لما يُنسب للولايات المتحدة الأمريكية من بعض أجهزة هدفها أن يتم الموضوع في سلام لصالحها طبعا وصالح ما هم تحت رعايتها من بعض قادة أو ممثليهم وعلى رأسهم أمير قطر مرورا بوفود السعودية والبحرين والامارات . باستثناء هذا المحيط المحدود المساحة ، التي سخرت الحكومة العراقية أقصى إمكاناتها البشرية والمادية ليبدو واجهة مفعمة بالتطور ، العاكس مجهود الجهاز التنفيذي  و مدى نجاحه كمدخل لترسيخ أسماء منه في قائمة المستحقين النجاح في الانتخابات المقبلة ، باستثناء ذاك الجزء البسيط من بغداد ، يلاحظ سريان غضب صامت بين عموم الجماهير ، وبخاصة بعض النسب التي لا يستهان بها تابعة لتنظيمات وطوائف ومشارب فكرية وولاءات لا زالت قائمة فارضة وجودها لجهات أجنبية معينة وعلى رأسها إيران ، المشمومة رائحتها في أمكنة متعددة داخل بغداد ، تنشد الانتشار لتستنشقها أنوف أكثر المؤيدين لدولة الفرس ، مما يشكِّل الهاجس الدائم للولايات المتحدة الأمريكية ، التي لها من العملاء لجهازها المخابراتي ، أكبر ما تشهده أي دولة عربية منهم عدداً وتدريباً (للمقال صلة)

الاثنين 19 ماي سنة 2025

مصطفى منيغ

الزيارة لكنوز العرب زائرة 3من3

 

الزيارة لكنوز العرب زائرة 3من3

القصر الكبير : مصطفى منيغ

لن توقف عدوانها على غزة ، ولن تنسحب من لبنان ، ولن تترك سوريا تقيم دولتها على أنقاض ما أفسده عميد الإفساد بشار ، ولن تهدأ حتى تجر جمهورية مصر العربية إلي حرب ، و لن  يرتاح لها بال حتى تضرب إيران في أعز ما تملك ، ولن تنسي ما فعلت يمن الأحرار بها ، ولن تعبأ لا بقانون محلي ولا دولي ، ولن تعترف بحق عقيدة غير اليهودية ، ولن تقيم للإنسانية شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً أي قيمة أو أهمية تّذكر ، ولن تغير رغبتها في إقامة دولة  عبرية تمتد من الفرات إلي النيل ، ومَن أراد أن يشرب من البحر فليتفضل ، فإسرائيل ملكت المال والقوة ولن تنحني أرضاً حتى تفقدَ أحد الاثنين أو كلاهما معاً ، الولايات المتحدة الأمريكية ما دامت تجني من غطرسة مثل الكيان الصهيوني ما يكفيها من غنائم مادية أو معنوية ، ستعمل بكل الطرق الممكنة وغيرها  على إبقائه مدفعاً محشواً بالتهديد صوب مَن تريد  ، إن لم تغذيه بالمزيد من التأييد المُطلق من بعيد ، فبالمشاركة المباشرة وعن قُرب ،  لتنفيذ كل مخططاته المبتدئة بطرد الفلسطينيين ممَّا تبقَّى لهم من أرض ، أو إبادتهم على مراحل قادمة ، الزيارة التي قيل عنها الكثير من لدن ثلاثي الخليج العربي ستتلاشى أبعادها بمجرد عودة الرئيس ترامب لوطنه ، لمباشرة ما قد يغنمه أيضاً من ملف إيران ، الذي فطنت سلطة  المرشد العام في "ٌقُم" ، أن النظام العالمي الجديد المبتكر من طرف الرئيس ترامب ، ملخَّصه " افعل ما تُريد مقابل ثمن ، وتمتَّع بزعامة منطقةٍ ما دمتَ قادراً على تزويد الثمن بأثمنةٍ مُستَدامة أفضل" ، وإيران غنية بثروات أرضها النفطية خاصة والمعدنية عامة  ، تستطيع الدَّفع لتقي آفة الدَّفع إلى ما لا يُحمد عقباه بواسطة إسرائيل المهيأة لمثل الانتقامات .

... لم تعد القضية مرتبطة بعد الزيارة المفصلية لرئيس أمريكا لدول ثلاث لم تكتف ببيع العروبة ، بل اشترت ما يمكِّنها من هذا البيع ببيع آخر ، استقلالها الحقيقي وخضوعها للمنطق الإسرائيلي ، التي نجحت إسرائيل في تلقين بعض أسراره للإدارة الأمريكية وستظل هذه الإدارة على هديه حتى تتبدد ما بقى للعرب المشرقيين من كرامة وعزة نفس ، وبالتالي تلك الهوية التي ميزت منهم البارحة ورثة المجد عن صناع الانحطاط حاضراً والاندماج مع السراب مستقبلاً . الزيارة استخرجت الكنوز ممّن احتفظوا بلقب العرب وما كانوا منهم بشهادة تصرفات ما هي بشيمة ذاك الأصل الأصيل ، ولا من اعتنقوا ذاك الدين العادل بين الناس ، الجاعل الحرام بيِّن والحلال بيِّن  وما تركَ أي ثغرة يتسرب منها نفاق المنافقين أو ظلم الظالمين أو تبذير المبذرين ، فأدخلَ المؤمنين الصادقين في إيمانهم ، سبل النور ليروا المحتاج منهم في وضوح تام ، فيتسارعون لنجدته ومساعدته وإعطائه ما يكفل له النهوض على أحسن ما يرام . فأي عائق حتمَّ على تلك الدول الثلاث التخلي الكلي عن مسلمي غزة  وهم يُذبحون أمام أعينهم صباح مساء لأزيد من سنة ونصف ، بل ليموتوا جوعاً وعطشاً ، كان بإمكانهم التدخُّل الفوري ، فلهم من الإمكانات المالية ما يشترون به مجموع إسرائيل ، لكنهم فضلوا الصمت وإتقان مسرحية ذرف الدموع أمام كاميرات الإعلام المرئي ، مدفوعين بالخوف الشديد من فقدان كراسي حكمهم إن غضبت عنهم الولايات المتحدة الأمريكية ، وبدل محاسبة هذه الأخيرة أغرقوها بمبالغ لا يملكون منها إلا السيطرة على ارزاق شعوبهم بالاستبداد.

... تلك أجزاء من حقيقة مرة أضفت على الحدث ما يُبقى سيطرة الوهم الخفي ينخر ذاكرة مَن صدقوا أن الولايات المتحدة الأمريكية ستفرض على إسرائيل تغيير سياستها اتجاههم وهي متربعة في لبها ومنذ زمان ، المصيبة أن الحل كامن بيد هؤلاء العرب  لو طُبِّق بما يوصي به ، لكن المملكة السعودية وقفت وتقف لمنع وقوعه كالصاعقة على ذاك الكيان ، لا يحرر الفلسطينيين مما هم فيه من عذاب ، بل يعيد للعرب مكانتهم بين الأمم ، وأبعد عالمهم من ويلات تطاحن وقلة استقرار والانكباب على وسائل التطور التنموي الحقيقي العائد بالرخاء على مساحة تواجدهم من المحيط إلى الخليج ، وهذا معناه بالعربي الفصيح أن تلك المملكة اختارت ما ينغص حياة باقي العرب لتحظى بزعامة تنقلها لأحلام وردية تجعل منها مشاركة رئيسية في قيادة العالم جنبا لجنب مع الكبار . قد تكون مرتبطة مع تخيُّل لا يدوم لكنه مؤدي ، ومهما طال مصيره  سينتهي وبلا هوادة ، من جراء اصطدام لاحق لا محالة ، مع ثورة شعبية يقودها نفاذ صبر وتزكيها إرادة سلاحها الحق وبرنامجها الإصلاح القائم على احترام البشر وتوقير ممتلكاتهم الطبيعية المشروعة ، والتعامل معهم تعامل كل واحد منهم سيد نفسه ، محتفظاً بشرف أصله مميَّزاً بنبع مشاربه الفكرية الصافي ، ومهما اشترت المملكة السعودية ومن معها من الإمارات وقطر ، من يقودها لما تراه عن باطل أساسا ، ستُباع بدورها كتاباً يروي حكاية سادت بمن ساد فيها من حلفاء إسرائيل ، ثم بادت بمن تبعها ، وكأنها ورقة أقحمتها الماسونية في شجرة فضح اخضرارها اصفرار تلك الورقة لتسقط من تلقاء نفسها ، ما دام البقاء لمن جاء على أصله طبيعياً ، والفناء للمُصطنع المُبدي الهناء كمظهرٍ غير لائق لما هو شقاء في شقاء . 

الأحد 18 ماي سنة 2025          

 مصطفى منيغ

الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3

 

الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3

القصر الكبير : مصطفى منيغ

البدايةُ إفْراغٌ للمُقَرَّرِ (بعد تفكير يطول أو يقصر للمعنيين بها ، حول نقطة تخصّ مجالاً قد يرتبط بالسياسة أو الاقتصاد أو الثقافة المجتمعيَّة) على التنفيذ السَّطحي بالكلام التوضيحي كتوطئة ، أو الأساسي بالعمل المضيف أو المُغيِّر للواقع . البدايةُ ولوجٌ لتجربة جديدة بالكامل مِن الإمكانات المُخصَّصة لذلك  ، إن كانت صادرة عن نية حسنة ،  مدروسة مواضيعها بعمق وعناية علمية واجتهاد يهدف للزيادة في الخير بخير وليس النقصان منه ولو كان ضئيلاً ، أو مًحَضّرَة لتدشين در الرماد في العيون ، مهما كانت مسافات الانتفاع ، الهادف لخدمة مَن بالدهاء السياسي ناجح ولو مؤقتاً حتى يضمنً مع اللاَّحق المخطَّط له المُبْتَغَى النهائي لطموحاته ، البدايةُ إعلانٌ عن حدث آت في الطريق ، يعاين ردَّات الفعل بما تطرحه  من جديد لمواصلة قديم ، أو قديم مُلوَّن بجديد ، لسبب يتكشَّف بسرعة حالما يطلع ضوء النهار لتعويض ظلام ليل ، إذ الوعي استحداث فوري لكل مقال عن أي موقف صيغت محتوياته بعيداً عن المألوف استشارة وتحليلاً وتطابقا لعامل إبداء الرأي الآخر الحر ، من طرف السيد الشعب مالك السيادة على محيطه بعد الخالق سبحانه وتعالى . البدايةُ توضيحٌ لغموض ، أو لتعزيز غموض بغموض أغمض منه غموضاً ، استعمالها من لدن السياسي المُحاول بسياسته الخاصة ، تسييس ما يتنافى (ساعة الجد) والسياسة ، لجذور المتلقِّي الضاربة في الطبيعة البشرية ، الرافضة الشر بكل معانيه الممكنة الفهم ، وما وراء هذا الفهم  لمحدودية خرق العقل لفضاءات المجهول ،  الموجودة لتذكير البشر بخطوط سوداء لا يمكن التقرُّب منها بالأحرى تجاوزها .

... البداية أساس فَرَحٍ أو انطلاق قَرَح ، يلطِّف جوها في كلتا الحالتين الصَّبر ، باستطلاع أسرع من سرعة الصوت ، قادر على ضبطه واتخاذه دليلا الشعب ، وذاك أمر محسوم غير قابل للتَّراجع ، فما طُبِّق إشهاراً لذاك اللقاء بالغناء الانجليزي كلاماً وإيقاعاً ولحناً ، وكأن المملكة السعودية خالية من مبدعي الغناء ، لمدح المُحتفَى به بلسان لغة الضاد ، مُلحَّن وفق مقامات عربية لها الباع الطويل  في التعبير عن التعاطف العاطفي ، لأقصى ما قد تتحمَّله أحاسيس إنسان يستفتي بها ضميره ،  ليؤيد ما دام حق أو يرفض مادام باطل ، وكأن الامارات مكتظة بقارعي الطبول بما يصدر عنها من ضوضاء يحجب ما يُهْمَسُ به في أذني المُرحَّب به في تلك القاعة ، التي دخلت التاريخ بما أصبح شأن تلك الدويلة يرقي ، ما دام صندوقها مملوء بالعملة الصعبة ، التي من الصعب صرفها كما جاء في الشريعة الاسلامية السمحة . وما كان على قَطر العظمى بعظمة مداخلها من عطاء أرض طالما اشتكت أنها مقبلة على تقليص مدخراتها لما يطول شرحه الآن ، ما كان عليها إلا النظر بعيون الشفقة لعدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية وعن توفير طائرة في مستوى مقام رئيسها ، فاشترت له طائرة من أحدث وأفخم وأكبر وأريح ما صُنِع فوق الكرة الأرضية ، متناسية أن الدولة الأمريكية لا تتأثر بمثل الهدايا ، وقوانينها الدستورية تنزه رؤساءها عن قبول مثل الهدايا المرتفعة التكلفة ، مقتصرة على تسجيلها من ممتلكات الولايات المتحدة الأمريكية ، ولو فهم من نعنيهم لتمعنوا أن ذاك الرئيس توجه للقاعدة العسكرية ليصافح أفراد قوته هناك ، بكلمةٍ ألقاها كمسؤول يراعي أول ما يراعي واجباته حيال الشعب الذي انتخبه  ، مادام عاملا لجلب اكبر ما يحقق رفاهية شعبه  الواصل في عهده مكانة من القوة والازدهار غير مسبوقة أبدا ، توجَّه للقاعدة العسكرية الأمريكية المشيَّدة على أرض قطر ، لينثر من المعاني ما يجسِّم وجود أناس لم يعد يهمهم الوطن الذي يحكمونه ، أو ما يعانيه من تقليص إمكانات حتى التعبير عن رأيه بحرية تغضب أو لا الآخرين ، وأنهم مستعدون لتسخير هذا الوطن لخدمة الأقوياء ، للبقاء خلفهم يحكمون بما يحافظ على مصالحهم وذويهم الضيقة لا غير .

... الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس الأميركي بما يصنعه من أجل وطنه  لكل من المملكة السعودية والامارات و قطر ، تُعد بداية نهاية شرق أوسطي عربي ، و تغييره (إلى حين) بشرق أوسطي أمريكي ، غير متضمن لدول تُعتبر آخر أمل لعالم العروبة في تلك المنطقة ، ومنها جمهورية مصر العربية و المملكة الأردنية والجمهورية اللبنانية  والعراق وجمهورية السودان واليمن بعاصمته صنعاء .(يتبع)

الجمعة 16 ماي سنة 2025

مصطفى منيغ

الزيارة لكنوز العرب زائرة / 1من3

 

الزيارة لكنوز العرب زائرة / 1من3

القصر الكبير : مصطفى منيغ

التَّغْيِيرُ سمة استمرارِ المَعْنِي بِه ، قد يكون في الشَّكل لمن لانْبْهَارِ غير المهتم يغذِّيه ، أو في المضمون للمتمعِّنِ عن موقفٍ سابق لا يتنِيه ، التغيير الأقرب لسياسة العازم عليه ، البقاء على نفس الحجم دون رفعِه ، لمتطلبات أولوياتها لا تُبْقِيه ، إن كان متسمِّراً في موقعِه ، من المسؤولية متحدِّياً رغبة التَّغيير في هدفِه ، صوب تحسين وَضْعٍ بغير الاكتفاء بطِلاَءِ السَّطحِ وإهمال جوهرِه ، فشمس الحقيقةِ مُشرِقة غداً تذيب المُصطنع بحرارة افتراءاتِه ، مادام للوعْيِ عين لا تُخطئ الأساس الهشّ المعمول عن غِشٍ كميناً بجل حيلِه ، مِن الصَّلب الجيِّد الجودةِ بكل مميزاتِه ، حيال الزمن الحَكَم عن حِكْمَةٍ جاعِلَة من التغيير راحة لاستراحة من تعب تقييم ما مَضَى وما تَرَتَّب عن وقائعِه ، من أحداث جَمَّدت بالمُعْتَادِ لتَوفِيرِ اليَأْسِ ومبادراتِه ، كالقنوط والإحباط والتدمُّر والضيق والزحف للانفجار بالمعروفة من وسائلِه . 

... مع يقع في دول حلف الخليج العربي ، لا يعني التغيير الحقيقي الواصل مستوى إرضاء إرادات الشعوب ، وتمكينها من صلاحية الكلمة المعبرة عن اختيارات ، تراعي حاجيات الحياة في العصر الحالي ، من حرية ومساواة وعدل وتصريف ثرواتها الطبيعية بالأسلوب العائد عليها بالخير العميم ، والتوفير للغد استعدادا ًلتقلبات الظروف ، على ضوء حماقات دولٍ تسعَى الهيمنة الزائدة عن حد التعقُّل ، الرافضة التعامل باحترام القوانين والأعراف الدولية  المُوَفِّرة حق سيادة الدول على ممتلكات أراضيها بالكامل .  ما تعرفه دول الخليج المتعاونة على تبذير أرزاق العرب  ليكون لقادتها لا غير ، الحظوة الأولى والأخيرة لدى الغرب عموماً والولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة ، فالتركيز على بقاء كراسي (صُنعت من اختلاط الاستبداد والتسلط المفرط والتعالي العقيم ونسيان طبيعة البشر المخلوقين على نفس الطريقة المتعودين للإبقاء على حياتهم إفراغ بطونهم بذات الكيفية داخل غرف أو في الهواء الطلق) يتربعون عليها ولا بفارقونها إلا بخروجهم من الدنيا ، وقد عجزوا على اقتناء ما يطيلون به عمرهم ، فيكون مصيرهم الحتمي قذف أجسادهم في قبور ُيقابَلون في ظلمتها ما يستحقونه من مراسيم تعذيب وويلاته ، أو رحمة ونعيمها كما يشاء الخالق رب السماوات والأرض ، الحي القيوم ذو الجلال والاكرام ، سبحانه لا شريك له ، العالم بكل شيء والقادر على كل شيء . ما يثير الضحك في أوانٍ لا مجال فيه لذات الضحك ، ما يتراءى عن ذاك الحاكم ، وقد كبَّل يديه ووضعهما فوق صدره عن طيب خاطر ن ولسانه  يردد بغير شعور : " أنا عبدكَ المُطاع يا فخامة الرئيس ، افعل بي وبالشعب الذي أمثله ما تريد"  ، والآخير يناديه مجرداً من لقب صاحب السمو ، ومن مقام رئس الحكومة حتى ، وكأنه يدردش مع جالس رفقته  في مقهى ،  وليس في اجتماع رسمي منقول عبر الأقمار الاصطناعية ، لتتفرج الدنيا على مثل المسرحية المشابه ديكورها لمهرجان "ِريُّو" ، مع فارق أن الآخير تعبر به البرازيل عن فرحها بحرية تخرج الإناث الراقصات  بها عن التخفي وراء أية أغطية لمعظم مساحات أجسادهن ، مما يترك لعاب الذئاب يبلل جوانب من شوارع تلك العاصمة لأكبر دولة جنوب أمريكا ، أما المهرجان الذي نحن بصدده مُعِدُ لاستقطاب الانتباه أن الدولة السعودية المفروض أن تكون عاصمة لكل مسلمي الأرض ، أصبحت مباحة لمن سيبعدها (لو استطاع) عن نور الهداية ، إلى ظلام العودة لعصر الجاهلية التي كان الإنسان مُقاداً بشهوته ، مُطاعاً لقسوته وجبروته  ، مالكاً لعبيد من الجنسين  ، بلا أجرة يدفعها ، ولا حقوق يمنحها ، وكأنه المخلوق وبيده سيف مهيأ لقطع رؤوس من لا يخضع لأوامره ، مهما كانت مجحفة لا تتناسب وكرامة بني البشر . مهرجان أوقف الحركة في مجموع التراب السعودي ، لسماع الكلمة التي سيدلي بها الرئيس الأمريكي ، وقد جاءت لمسح مرحلة والولوج في مرحلة تشهد فيها بقيادته الولايات المتحدة الأمريكية ، رخاء غير مسبوق ، ومناعة لا تُضاهًى ، وقوة قادرة على تمكين تلك الدولة من عظمة السيطرة المسيطِرة على العالم دون منازع ، تفعل ما تشاء ، ووقتما تشاء ، ومع من تشاء ، ولا أحد له حق الاعتراض عليها ، لأنها الوحيدة المؤهلة ستكون لتوزيع المهام عبر القارات، دون قيد أو شرط ، طبعاً للرئيس ترامب أن يصف بلده كما يحلو لمزاجه ، بل ويدافع عن مصالحها ، والأزيد من هذا أهمية أن يُغرق خزائنها بثروات بلاد راضية تكون ، للخضوع إرضاء لبركات رحمته وطمعاً في كرم حمايته لكراسي حكامها المطلب الفارض نفسه وبإلحاح من طرفهم . ومن هذه الدول المملكة السعودية في المقدمة ، التي شعر محمد بن سلمان كما يناديه الرئيس ترامب ، مضيفاً أنه "إنسان جميل"، وقد رفعته نشوة الفرح إلى التحليق عالياً مخاطباً من سمع وعلى نطاق عالمي " أرأيتم كيف يخاطبني أقوى حاكم لأعظم دولة في العالم ؟؟؟  ، مطالبا مني الحرس من الحسد حتى الغربي ، لما حققنه من منجزات وعلى رأسها هذا التقارب المثالي مع الولايات المتحدة الأمريكية وفي كل المجالات" . وهنا يتجلى الفرق الشاسع بين الدهاء الأمريكي في شخص الرئيس الذكي ، والجمود الفكري المرتمي تحت مستويات أي وصف سلبي أقله الغباء لطرف ثاني ، ظن أنه ارتقى المجد وحقق بمثل التقارب المبني عن ضعف بيِّن ، أن الإدارة الأمريكية ستغيِّر سياستها (تحت أي عروض مهما كانت سخية كالتي جنتها من السعودية والامارات) من الكيان الصهيوني ، إذ بمثل السياسة التي تبنتها منذ عقود تمكنت وحتى الآن من حصاد ثروات الأنظمة  العربية المشرقية المتهالكة بالوراثة ، وإذا كان الرئيس ترامب لم يكتف بإبعاد إسرائيل من برنامج زيارته هذه ، بل تجاهل النطق باسمها خلال كلمتيه اللتين ألقاهما في مهرجان المنتدى إياه ، وقمة دول التعاون الخليجي المنعقدة بالمناسبة في الرياض ، من باب  مجاملة الملتفتين حوله من هؤلاء القادة العرب ، بكون أمريكا قادرة على ترك تبعيتها لإسرائيل متى أرادت خدمة للحق العربي المعهود التعبير عنه في مثل الثرثرة الموسمية ، كمدخل للحصول على أكثر قدر من المنافع ، ومنها الاستثمارات بأرقام خيالية  لم يسجل مثلها في تاريخ المعاملات بين الدول ، وهو يعلم علم اليقين أن هؤلاء القادة لا يمثلون في العمق إرادات شعوبهم ، إذ لو كان الأمر كذلك  لانحازوا بمثل الاهتمام في مجال الاستثمار  لدول عربية مسلمة تستحق ، ومنها جمهورية مصر العربية ، المتروكة لمن يريد إخضاعها لجبروته ، ليوجهها ضد تيار مبادئها ، عساها تلتحق بتلك المنبطحة الفاقدة صفة الدول المستقلة بالفعل . (يتبع)

الخميس 15 ماي سنة 2025  

مصطفى منيغ

المغرب وتشريف المنصب

  المغرب وتشريف المنصب تطوان : مصطفى منيغ الإطلاع على كنه الشيء لدرجة الاقتناع، من أجل إطْلاَعِ الآخرين بما يوفر لهم عنه الاقتناع، من مس...