الخميس، 29 يونيو 2023

البهلولية والبندقية الإيطالية

 

البهلولية والبندقية الإيطالية


مراكش : مصطفى منيغ

القسوةُ حَطَب الظُّلْمِ تُشعِلُه رغبة الانتقام ، والرَّحمة بَلْسَم يشفي الرأس مِن بقايا صُدَاعِ النَّدَم ، عن تصديق مَن أغلقوا حتى للإبْرَةِ الخُرْم ليلحقوها بالعَدَم ، لتغدو مجرَّد سِلْك بنحافته وصغره غير مهم لفقدانه أبسط المَهام   ، تعبث به أخفّ رياحٍ ليستقرَّ رفيقاً لجيب مجهول بلا تقويم  أو قَوَام ، يُوخِز به ضمائر رواد السَّحرة على امتداد أعوام ، وصولاً لتغيير مهنة سياسية بأخرى أشْقَى بُعْدُهَا التَسَلُّط على مداخلِ المساجدِ مُراقِباً عَنْ قَصْدٍ المؤمنين من العَوَام ، غير مشفق حين التبليغ المحنَّط بالافتراء لا عن بعيد أو ابن عَم ، لم تكن مدينة القصر الكبير هكذا محرومة من أبسط مقومات السلام ، بها الأسرة الكبيرة مَن شاء يكْدَح ومَن تكاسَلَ شرب مِن دمه البرغوث ليسرح بين الدروب بأغرب كلام ، أسرة كبيرة  لمدينة عتيقة  تتمتع بحرية التصرف تحرسها بنادق المحتل الاسباني مُزيّن صدره بأرفعِ وِسام ، وتروي "قِلَّة" عطشها بتجرُّع عرق المشتغلين على نيتهم نهاراً وجزءا ممَّن يُغيِّبه في ساعات متأخرة الظلام ، لا يشتكون مادام هناك بالفعل تنظيم ونظام ، وتوقير ما جعلته بدع ذاك الزمان الغبيِّ يقوم مقام الذكيّ المحترم ، فتختلط المفاهيم ويعَسْعِس الشيطان ليختار العدو من الحليف بمفعول الاستحواذ مُلَغّم ، ذاك يقذفه عسى الجنون يصيبه  فتنجِّيه قوة الإيمان صلاةً وزكاة وبالصِّيام ، وداك يقربه عسى المجون يغمره لدرجة الإدمان فيحاكم مهما طال بارتكابه ما يستحق عليه الإعدام .

... قد َيَخشَى السَّوْدَق الحمامَة ، إن غاب الصِّدْق عن الصِّمَامَة ، وحَلَّ حال المُكتفي بأكل الجُرامَة ، غير عابئ بالمَلامَة ، إذ لا سلطان على جائع إلى يوم القيامة ، الجهل مًعَطِّل البَدْلَ لجَمْعِ الشَّمل واضح العلامة ، في مكان مُقَدَّم فيه النَّاعِق والسَّارِق ولبيوت بعض الشرفاء مُختَرِق بلا استئذان أو لأبوابها طارِق التَّاركين حيث اجتمعوا أسوأ إقامَة . ساعتها كان الإسباني المحتل على أهبة الرحيل ليزكيهم بنياشين تجعل منهم حُماة مرحلة لا تطابق اسم الانتقالية وإنما "تَرْحَل وتعود لهم بالسَّلامَة" ، إذ "سبتة" و"مليلية" مسماري جُحَا ذات الاسباني لاَءَمَتْهُ مناظر لابسي العمامَة ، الملهوفين على عبور حدود العبث بين المترامي على حقوق الغير والساكت عليه كأنها أوامر عن أسباب واهية مُسَلّمة . الثُّبُور لمن تحرك في القضية حتى لا تكون حركة منعدمة البركة تنتهي بأشرس معركة قد تحوِّل تطوان الحمامة ، إلى غراب احترق ريشه فلفُّوا منقاره بكمامَة ، حتى لا يحكي عمَّا جرَى بالقرب من جزيرة "ليلَى" حيث تمَّ الاتفاق على بداية المؤامرة ، بين أباطرة حشيش المملكة المغربية والسوائل الكحولية المُصنَّعة في المملكة المتحدة والسجائر الشقراء الأمريكية والبعض ممَّن في الصفوف الأماميَة على سبيل التنويه لأغرب إعارَة ، تشمل بعض المراقبين المتورِّطين في اقتسام الربح والخسارة متى ضمتهم القوانين كمتلبِّسين وليس عبارات تُبلِغُها إشارة ، سيهدأ الحال ثم يستأنف النشاط المشبوه طريقه بإقدام لا يعترف بمثل المخاطرَة ، إذ رئين الذهب وقعه في حاسة سمع الجشعين كمعزوفة يطير لحنها بخيال هؤلاء فوق متاريس منع المنكر والحفاظ للدولة على ما تبقى فيها من حُرمة  إذ مِن الصعب عليها التنحي عن الكرامة ، نزولا لعصابات لا انتماء يصونون الوفاء لأصله ولا مستقبل يخشون على تلويث ما ادخروا من أجله ولا مكان يقبل إيواءهم مُطوَّلاً بعد فراغ أيديهم من دفع المقابل أضعافاً مضاعفة كنتيجة أرزاق مكتسبة عن طُرُقٍ مُحَرَّمَة .   

... البعض يسمعون ودون أن يتحقَّقوا لا يكتفون بترويج ما سمعوا بل يضيفون إليه الهَوَائِل ، ليتهم ينهضون لمسح أسمائهم من قائمة الكسالَى الخمائل ، ليحظوا بتحرُّك يقرّبهم من صحة المقصود ممَّا سمعوا بالحجَّة والدلائل ، ما كان اليهود في مدينة القصر الكبير مجرَّد أناس لا فائدة فيهم منعدمي الشمائل ، دخلاء متى تمكنوا استحوذوا ومتى استحوذوا جمعوا من المغانم  ما يشيدون بها كحفدة سلائل ، الحد الفاصل  بينهم وباقي البشر وكأنهم بالفعل من الشعب المختار ورثة الجلائل ، وهذا كله غير صحيح بل كان اليهود هناك في المدينة يشقون كغيرهم لربح قوت يومهم في صبر وتبات يتجنبون معظمهم الرذائل ، يبتعدون ما أمكن من ضجيج تربية تقذف مَن تقذف بقساوة اللسان واستعمال لإلحاق الأذى باليهود أحقر الوسائل ، وهم في تجلدهم المثالي يحققون حسن تواجدهم بحثاً عن قاسم مشترك يضمهم وباقي الأهالي  الفضائل، لمواجهة تحديات مرحلة ما يقارب تعاستها في مقدوره تحويل قلب المكان إلى رسم يُستدَّل به على  بقايا أطلال لأشرف عوائل.

... وهناك في الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط وبالضبط في عاصمة المملكة البلجيكية ، مصير رجل وامرأة يتبيّن مواصلة الالتحام ، رغم شبه تعتُّر ما بينهما من وئام ، أو الوقوف للإعلان أنَّ ما كان منهما أصبح ذاك المحذوف وبالمعروف ، طبعا الحسناء البهلولية تبادر لأخذ الكلمة ، مجتهدة ما أمكن حتى أميل لما تطمحُ إليه من تشييد جديد لعشِّنا المشترك المثالي الفريد بأَحَبِّ ما للحُبِّ من حُب وأصدق ما للصدق من صِدق وأحسَن ما للحُسنِ من حُسن ،  فأشعرُ بها كوردة وحيدة قُطفَت لتوضَعَ في كوب ماءٍ تتطلَّع للمستحيل كي تعود لنضارتها الأولى وسط بيئتها الطبيعية قبل أن تذبل ، ويتبخر أجود ما فيها المُشبَّه بلون وجنتي عذراء تُزَفُّ لبعلها في أول وصال ينبني عليه تأسيس أسرة خلية مجتمع سعيد كأقدس ما في الدنيا من عمل ، بعد أخدها نفساً طويلا خاطبتني قائلة :

   حظِّي أن أسايركَ ولا مَرَدَّ لما أحببتُ فيك ، صدق مشاعرك ، وتحدِّيك الدبلوماسي النبيل لفرض قناعاتك ، بما هو متحضِّر لا مساس فيه بحرية الآخرين ، بل هو اجتهاد فكري يستوجب الوقوف عنده بما يلزم من تخصص أكاديمي صرف ، وثقافتكَ الشاملة العالية المنبع والإشعاع  ، السريعة التأثير على من وقف لمناقشتك وخاصةُ باللغة الاسبانية التي برعتَ فيها نطقاً وكتابة . قدري أن أسايرَكَ غير مرغمة ، ولا مكسورة الجانب ، ولا يتيمة الحيلة ، ولا مُقلِّلة من شأني بما أملك كامرأة ناجحة في عملها الأصلي وما يتفرَّع عنه من رئاسة لمجموعة بشرية همُّها الأكبر الوصول بالوطن إلى شطِّ النَّجاة ، مهما كانت التضحيات ، ما دامت إسرائيل تستحقُّ العيش لمنح اليهود "الاستقرار" مِلْح الوجود ، بيقين ممدود لفَّ الأرض وإلى نقطة ارتكاز يعود ، كدولة وأمة وليس كياناً تافهاً يحتضن مَن لصقت بهم في الشتات لعنة المذلة . بخاطري وعقلي وفؤادي وضميري والكرويات البيض كالحمر الجاريات كدم في عروقي أسايرك ، وأعلمُ "لماذا"، وكذا الإجابة عن "كيف" ، باستخلاص الملخَّص المُحدِّدِ إلى "متى" ، وهي العناصر الثلاث القائم عليها عِلم الإخبار . قد نختلف عزيزي مصطفى منيغ في الأسلوب المعبر عن الرأي ، لكن نحن ذات واحدة مخلصة لمن وحدها الحب إذن لنستأصل الخلاف من جذوره ، مهما كان جوهرياً عميقاً أو سطحياً خفيفاً ، لنكن مع فلسطين وما المانع أن لا نكون مع إسرائيل ، معادلة صعبة أليس كذلك ؟؟؟، لكنها عند علماء الرياضيات السياسية   ليست بالمستحيلة ، فكل متعامل مع الأرقام يجد نفسه حاملاً منها حسب ما استحقه بمجهوده الفردي أو داخل الجماعة  ، ليس المهم التدقيق في ذاك المجهود بل الأهم في النتائج المُحَصَّل عليها ، عِلماً أن القوي أسرع تمكُّناً ممَّا يريد وقتما يريد ، ولو كانت قوته فيما يبتكره من أفكار ، تزيد من إصلاح غير القابل للإصلاح ، بحجة الحفاظ على التراث وما سجله  التاريخ في مرحلة أكل عليها الدهر وشرب ولن يعود كواقع معاش أبدا ، لذا قررتُ أن اصطحبك معي في رحلة تكتشف من خلالها حقائق قد تغيِّر (لحد ما قناعاتك) وتقارن بعدها وعلى ضوئها مصير القضية ووضوح الرؤية للبحث عن حل ملائم لإنهاء النزاع إن كان فعلاً قابلاً للنهاية . حبيبي الغالي مصطفى منيغ ما بيدي حيث أنا موضوعة قبل ظهورك المفاجئ في حياتي ، أردتُ التملَّص بداية فوجدتُ التقرُّب منك يزداد حِدَّة ، العقل لا يرفضه ، والفؤاد يتمنَّى استمراره متجدداً كفجر كل يوم طالع بما هو نافع ، شمس علاقة دافقة ، وخفقان إعجاب منتظم دقيقة وراء دقيقة ، ورؤية تفاؤل مضيئة بالحياة الحيوية مُشرقة ، كنتُ في قمة السعادة وأنت بجواري ، لا استأنس بك في وحشتي فقط ، بل كساكن داخل دواخل وجداني ، طلبوا منى أن أسأل ماضيك ، فأجبتهم يكفيني حاضره معي ، ومستقبلي معه ، ولما يئسوا استعانوا بحيَلٍ مخابراتية كأطفال يصطادون السمك في الصحراء ، وقتما إلتهبتهم حقيقة ما بيننا من قدسية حب تمنوا أن يكونوا أمثلة مصغَّرة منا .

...ابتسمتُ وما كان عليَّ أن أفعل ، حتى لا تعتقد أنني أجاريها في كل ما عبَّرت عليه بصدق تامّ ، المهم أن أفرغ في مُخيِّخِها ما يجعلها راضية والعكس صحيح ، ما الكلام غير معلومات سطحية يتقرَّب سامعه لما نريد أن يتقرَّبَ إليه بغير التزام ، إذ الاتفاق أخذ وعطاء وتفاوض له شروط إن كان وراءه الحصول على رخصةٍ ما ، أو فقدان جزء من كرامة . صعب جداً فهم أبجدية المرأة اليهودية عموما ، والأصعب إن كانت رئيسة أي شيء يضم الرجال ، حيث تتحوَّل إلى شعلة قد تحرق مَن يظن نفسه غير قابل للاشتعال في لحظة ، ليصبح أسير أي شيء فيها ، بقدر ما يتمنَّى الإمساك به ، بقدر ما يكتشف أنه سيد السادة المغفلين بعد فوات الأوان ، أن الواقفة أمامه  كرئيسة في العمل ، وإن صبغها جمال الأنوثة الأخاذ ، حيَّة تلدغ بسم يشلّ الحركة زمناً كافياً لينهض ذاك المعني مسترجعاً ًالنظر البريء ، المهتمّ بما يتحمَّله من مسؤوليات وما عليه حيالها من واجبات  . المرأة اليهودية حاكمة متحكِّمة بعدما وصلت لنقط ضعف مَن يشاركها عالمها الصغير الضيِّق الخاص ، الخاضعة طبعاً لتعاليم دين يُعتبر عند البعض أن الغموض يكتنفه متى شاء المعتنق التصرُّف حسب قدراته الفكرية ، التي غالباً ما يجعلها في نفس الميدان محدودة ابتعاداً عن تعقيدات التطرُّف البالغ عند جماعة حداً لا يُطاق ، مًبتَكراً في مجمل نصوص تنظيماته البعيدة أحياناً عن المنطق ، الغير ملائمة مع تعاليم الدين اليهودي نفسه ، بما يتخلَّل الفاعل  من تناقضات ، المرأة اليهودية الأصيلة تحبُّ وفق أسس دينية معيَّنة لا تزيغ عن تنفيذها قلباً وقالباً ، بل لها من الطقوس لا يتكيف معها إلا اليهود الممارسين عن حق لشعائرهم الدينية مهما اختلفت من فريق إلى آخر . البهلولية وإن تخلَّت بمحض إرادتها عن الديانة العبرية ، منذ تطوُّر ما بيننا لدرجة العيش معاً تحت سقف بيت جمعنا ، ظلَّت متمسِّكة بيهوديتها متفاخرة بمثل التمسك علانية.

... رافقتُها فيما قرَّرَتْها رحلة أوربية بدأناها مباشرة من إيطاليا  ، ولما وصلنا إلى مدينة البندقية اكتشفتُ العجائب والغرائب الآتية : ...

الصورة : مصطفى منيغ في مدينة البندقية الإيطالية

مصطفى منيغ

aladalamm@yahoo.fr

 

البهلولية والبندقية الإيطالية

https://sudaneseonline.com/board/505/msg/1688007765.html

2

https://www.amad.ps/ar/post/506494

3

https://www.amad.ps/ar/post/506494/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9

4

https://www.amad.ps/ar/tagsPost/97166

5

https://sawaleif.com/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%87%d9%84%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%af%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b7%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-794234/

6

https://www.alfaraena.com/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%87%d9%84%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%af%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b7%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%b1%d8%a7%d9%83%d8%b4/

7

https://web.facebook.com/sudaneseonline/?_rdc=1&_rdr

8

https://sotkurdistan.net/2023/06/29/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B4/

9

السبت، 24 يونيو 2023

البهلوليَّة والمخاطر اللَّيليَّة

 

البهلوليَّة والمخاطر اللَّيليَّة

مراكش : مصطفى منيغ

جديدُ العُمْرِ مَا مَضَى لم يُثمِر غير الذِّكرَى ، مَجْمَعها شياطين أنس صفاتهم إن طال فيهم التمعٌّن كانوا من أشكالٍ أخرَى ، الغدر شيمتهم قبل النِّفاق يحسبونه تلهِيَة صُغْرَى ، حتى يتبخَّروا إلى حينٍ مع مصيبة كُبْرَى ، وهكذا الأيام ترافق الصالح مع الطالح في موقعٍ لا مكان فيه لسماع أطيب بُشرَى ، فقط تداخل التَّزاحم للحصول على ما لا يُرَى ، كمن باعوا أنفسهم ولتحقيرِها متى عمَّرت اشترى بالنيابة عنهم مَن اشتَرَى ، يبكون مِن الدَّاخل صامتين خلف ستارِ حالٍ فَريدٍ بما جَرَى ، لأصاحبِ أخلاقٍ ومبادئ تتضاربهم هواجس الحيرة مِن مواجهة مَن أمامهم دون حياء كقلم خَشَبيٍّ انبَرَى ، يَحتلّ عقول الأبرياء بكَذِبٍ يصطاد بلا صنَّارة الطامع في الارتقاء بلا عناء عن خلل له دارَى ، بمجرَّد إمضاء على بياض ورقة مصرفية مسلَّمَةٍ لمن عند الحاجة اليه لا يُجَارَى، كأن الأرض بلعته لزمنٍ بعده في الأقرب منها على هواه يَتَجارَى ، ليكتوي بنار حِيَلِهِ مَن اكتوى بلا أحدٍ عنه تَحَرَّى ، حتى السلطة مُغَيّبَة بما تراه الأجدر والأقوى محرومة من الكَرَى ، تَفنُّناً في إرضاء أصحاب المعالي والمفاخر والأمجاد أسياد المدن والقُرَى ، الكل مَن حولِهم عيونهم لا تغادر الانتباه المفرط أي حركةٍ لذئب نازحٍ من "دوَّار" بضغط الجوع عَوَى عواء يفيق عن غفلتهم السُّكارَى ،

فهؤلاء قوم أطلقوا على كل فريق اسماً للتعريف عند إحصاء نقط المخاطر اليمنى كاليُسرَي ، من ضفتي نهر يخفي من زمان أبعد بكثير من كِسْرَى ، دلائل حضارة انبثقت ليكون الناس معها سواسية أحراراً لا تشوبهم عاهة دكتاتورية ولا مَعَرَّى ، أجل هؤلاء قوم كلما تحصيلهم للمنافع انتظاره المُحَدَّد (لشروطِ وَضْعِيَّةٍ سَنَّها طرف واحد على مزاجه مُجحفة) استوفى ما داموا في القهر مَهَارَى.

 ... لم يكن محيط القصر الكبير كمدينة أسلم ممَّا يجعلها آمنة و حولها الكوارث المصطنعة ناشرة نفوذها من طرف زعامات محلية يباركها الخوف ويتجنَّبها المسؤولون على حماية الأهالي بقوة القانون ويظلون على مصالحها سَهارَى ، وينأى عن طريقها كل دافع لضريبة النجاة كثلة من حيارَى ، ويصفِّق لها متقن القفز على الحبال ليجد نفسه على رأس مجال قد تولَّى عليه منصبا مع الأكفاء لم ولن يتبارَى ، راتبه مهما بلغ لا يكفيه فهناك من يقاسمه بالنصف وإن اشتكى مِن شُرْبِ دمه ارتوى مَن ارتوى ويرحل مع شقاء العُسْرَى ، فالمنتسبون للكوارث لا يملكون من سمة البشر إلا إفراغ بطونهم والتبوّل في أي مكان أما الباقي فمسكون بالشر أعوج من مُعْوَج كالمثل القائل على صيغة السائل متى ذيل الكلب استَوَى و للاستقامة أَقْرَى.

... وأنتقل إلى بروكسيل ، حيث البهلولية داخل بيتها الفخم ،  وتحديدا في حجرة نومها الأفخم ، تجلس بجواري على أريكة مبطّنَةٍ بقماش حريري أزرق مُستورد من مدينة دلهي الهندية ، المحشوة بريش معالج بأيادي انجليزية ، لتكون الجلسة فوفها تتغلّب على الليونة براحة تساعد على إطالتها ، مرشوشة الجوانب بعطرٍ فرنسي لا يزيده أي هبوب وإن كان بغباره لطيفاً إلا قوة في نثر رائحة تليق بالمقام ، ساعة السياحة الذهنية مع أجود وأنبل وأطيب غرام ،  تجلس في أتم زينتها بوجه أضاء جسدها بتيار يدغدغ أحاسيسي فينقلني من مرحلة الاقتناع إلى المطالبة بالمزيد ، إذ للحُسن أظافر متى نهشت خيال عاشق ، أجبرته على أحلى اقتتال ، يُحيي بما يزرع من نبال، ذاك المُحاط بالرَّغبة الطبيعية الحلال، المحروس بضفتي مبادلة نفس المشاعر المكتملة بها متعة الحياة من أولها لغاية الزوال.

قالت وصوتها أقرب للوشوشة المقصودة عن إغراء تتقن توظيفه في الوقت المناسب : فيما تفكر وأنا برفقتك بعد غياب ثلاثة أيام حسبتها ثلاثة أعوام ؟، إن كنتَ لا تفكر في المغرب ، فهذا تقصير منكَ في حق مَن تعشقكَ فوف كل عشق معروف أو مجهول أو عَمَّ فانقرض ، بالتأكيد تفكِّرُ في المغرب لأنك تحبُّه كما نحبُّه نحن معشر يهود العالم ، لا تقلق فالملك الحسن الثاني قادر على بناء دولة كما نبنيها نحن في إسرائيل ، الفارق أن الدولة المغربية عمرها بالقرون من مولاي علي الشريف العلوي إلى الآن ، ودولتنا لم يكتمل القرن الواحد على تأسيسها من الصفر، نحن اليهود نحب الملك كما الأخير يحبنا لذا لا خوف ولا قلق علينا معا ، لا نعارض إن تعاطف مع الفلسطينيين بكونهم عربا ومسلمين ، لكننا من جنس جنسيته المغربية نحسبه الأقرب من غيره لنا .

قلت لها مغيِّراً وجودي تلك اللحظة ، من قمة السعادة إلى انخفاض ملحوظ في الارتياح : ما تدخلتُ في قناعاتك يوماً ولا أريد أن أتدخلَ لأنكِ حامله من نِعَمِ العِلمِ ما يكفي لتتبيني الطريق السالك من المسدود ، ولتنتخذي القرار الناجع ، في الوقت غير الضائع ، متحملة مسؤوليات اختياراتك عن جدارة واستحقاق . إن سهوت للحظات وأنا بجانب ملكة الجمال نفسه ، فما كنت مفكراَ في المغرب قلقاً عليه ، فهناك من الرجال والنساء ما لا يحتاجون أي شيء للدفاع عمَّا نحسبه صادقين القول و الفعل أشرف وطن ، نضحي بأرواحنا من أجل بقائه مُصان الكرامة رافع الهمة مهاب في السفح والقمة ، بل كنتُ أفكر في فلسطين ، إن كان غيري معك يرى ما أراه ويتمتع بما أتمتع به من مباهج الحياة ، لنسي الدنيا ومن فوقها حتى أقرب الناس اليه والديه ، لكنني على عهدٍ مع تلك الأرض الطاهرة أن لا يرتاح لي بال حتى أرى أهلها الصغار منهم قبل الكبار ، يضحكون بقلوبهم فرحاً وبعقولهم تحمُّلاً لمسؤوليات تدبير شؤون وطنهم الحر المستقل القادر على تعويض ما فات رغم كيد الكائدين .

... هرولت في اتجاه الحمام لتعود وقد نظَّفت وجهها الصبوح ممَّا عَلق به من مساحيق ، لتخاطبني بهدوء : أحببتكَ كما لم أحب بشراً من قبلك ، حاولتُ ما أمكن أن أرضي حبِّي الكبير هذا في إسعادِ شخصكَ ، بعيداً عن أي مؤثرات ولا ضغوطات عاطفيَة رابِطَة العقل بمكان ، ولا الطموح بتحقيق أي رغبة مهما طال أو قصُر الزمان . عشقتُ فيكَ نفسي فتصرَّفتُ معكَ كأنَّكَ أنا وأنتَ ولا أحد بيننا، ولم أجد فيكَ إلاَّ ما تتمنَّاه أنثَى أو يزيد ، حينما آزرتني في معركتي مع الجهاز كي لا أخسرك وأضيع بعدكَ ضياعاً لا تستقِّر صاحبته حتى في قبرٍ يجده مَن يريد الترحُّم عليها ، قيمتكَ عندي تفوق بكثير دولة إسرائيل ، لأنَّك علَّمتني دون أن تشعر أن الإنسان في الآخرة لا ينتسب إلى مكان وإنما لما كان هو نفسه ، فيُحاسب عليه منفرداً ، حيث لا جماعة صهيون تحميه ، ولا جهاز مخابرات يشهد بذكائه ونبوغه وكفاءته ، يبقى الأمر في حوزة خالقه ، وحتَّى لا تُلاحقني مخاطر المقبِلة من اللَّيالي، قرَّرت ما يلي : ...

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

الثلاثاء، 20 يونيو 2023

البهلولية والمواقف البطولية

 

البهلولية والمواقف البطولية

مراكش : مصطفى منيغ

لن تكون السياسة بديل الحق العمومي قي تدبير شؤونه مهما كان المجال ، ولن تصل لإقناع الأغلبية أن للأقلية تحالف مع أي حل وفي الحال ، ولن تصل مهما ابتكرت من وسائل فكرية لما يبقيها متحدية من أجل ذلك المُحال ، ولن تكون مستقلة لا يمتطيها كما يريد حاكم لا يسمع عنه ما يُقال ، ولا أن تصبح بمفردها السيدة المطاعة على نفس المنوال ، الذي ساق جبابرة تمسكوا بها فطالهم الزوال ، فغدوا تاريخاً لا عنوان له سوى ما يعرضهم لسخرية المسنين قبل الأطفال . السياسة أكذوبة حينما اتَّخَذها البعض مَكسباً للارتزاق العَلني بالضَّحك البيِّن على الكائن المُقيم  الراسخ قبل المتحرِّك الجوّال ، بل سلعة مصيرها البَوار قبل الركود خاسرة آجلاً أو عاجلاً كلّ إقبال ، بنظريَّة جديدة مستوحاة من حقوق  الإنسان في تعمير الأرض بما هو أصْدق من الصِّدق وأطْيب من الطيب وأَلْيَن من اللين وأشدّ من شدَّة الشَّديد الفارز العيش الرغيد وراحة البال ، أينما استقرَّ بها الفرد كانت العدالة مرحبة به والإنصاف محتضنه وكلّ عوامل الراحة النفسية تحوم حوله بغير مُقابل ، نظرية "الدولة للجميع تشتري ولا تبيع" متوفِّرة على الأصل مكتفية الذات بالبوادل .

لمزيدٍ من فهم القصد ، هناك عينات ناطقات بما أوصلت بعض سياسات رسمية البلد والعباد ، لوضعيات يفرّ من هولها بل مصائبها ، الأكثر تجلداً والأطول صبراً والأقدر على تسخير العقل باختيار الانسجام مع الموجود  ، أو التوجُّه لاختراق الحدود ، معانقاً مخاطر المجهول .

متى كانت السياسة السلطوية عماد حلول جذرية ، إن لم تكن بألوان زاهية قابلة للذوبان في جُدارٍيَة ، أو أي وَهْمٍ مَحْرُوز داخل خابِيَة مزخرفة بمذهب الأبيقُورِيَة  ، مَن رآها مِن بعيد ظنَّها منزوعة من عمق تاريخ رابِيَة ، تَعَامَلَ أهلها القُدامى بالقِطَعِ الذَّهبية المنقوشة بالأشورٍيَّة ، مَن استولَى عليها فازَ بكلِّ مفاتن الحياة الدنيوية و في بطنه أنغام أزيرية ، وهكذا التعلُّق حاصل مع ضياء تحجبه كثل كثيفة ضبابية صفة البحث عنه إجبارية  ، مع صفاء جو العلياء تبرز نجوم كعرائس سابحات في فضاء الحقيقة كما ألفتها (باستثناء قِلَّة) الأكثرية ، يخاطبن بشعاعهن المبهورين بمثل السياسة التي عليهم بإعادة التربية لمبادئ أفكارهم الأولية الإدارية ، الفارضة بعض التوجهات وكأنها خالة الديمقراطية الأوربية ، وما دون ذلك من المستحبِّ عدم الأخذ بها كأسبقية ليست في الأصل يمينية بل مستحدثة يسارية  ، إذ السياسة المبتكرة لفائدة سرعة التطبيق الجماهيري تقتضى القبول لغاية إيجاد الحلول انتظاراً لانتهاء العُهْدَةِ الانتخابية المحسوبة في هذا البلد كثوابت أثرية  ، طمعاُ لأصحابها في التجديد بعد الولايات الفائتة التي اعتبروها مجرد تدريب وبفضل ذات السياسة  المختصة في التنمية العكسية البشرية ، لن يغادروا منها وعنها حتى الخراب الزاحف إليهم متروكاً عن قصد لتشخيص مسرحية ترميم و إصلاح نفس السياسة بإعطاء المزيد من الحريات ، تصبغ المنجزات الاجتماعية العظيمة مع تحويل الظاء إلى حرف القاف ، بلون الشفق المخلوط بالأصفر والوردي والأزرق ، تقرِّب زينة الصور المغشوشة إلى القلوب الهشة في صدور من يسوقهم صمتهم الدائم على المنكر ، إلى فقدان حاستي السمع والبصر ،  للمكوث وسط العوامل الدائرية ، الصِّفر أولها والتقهقر ثانيها والاستغناء الكلي وليس الجزئي عن البصيرة ، وذاك مُرتَقَب كنهاية نهائية ، ساخطة من لدن العقلاء على سياسة غير سياسية ، قيمتها وضياع الوقت لسيطرة السلبي على الايجابي بالتأكيد  متساوية .

غير مُلاَحَظ ذاك الخلل في تطبيق سياسة تُوهِمُ الذي يَحْبُو بالمَشْيِ على مقياس الحال ، بتؤدة دون حاجة لسرعة انسياب مياه شلال ، حتى لا يثير بجَلَبَةٍ أو هدير مراقبي مَجال ، محسوب منذ أعوام ليست بالكثيرة على استقلال المغرب كمِلْكِيَةٍ خاصة لبعض نِسْوَة في الشمال دون رجال ، تعبهن اليومي ملخَّص في سَنِّ الأوامر قبل الخوض في أغرب تِجوال ، لتفقُّد مَن كبر مِن العيال ، يتم إلحاقهم كأحدث  عمال ، لن يُطالبوا بحقوقهم مكتفين بما يُصوِّرونه في الخيال ، عن التقرُّبِ مِن صاحبات الرَّقص فوق أكوام العنب لاستخراج العصير الأسمر (كبعض الإسبانيات في ضيعات الأثرياء) أثناء الزوال ، وليلاً على ضوء القمر ينتظرن  في خطوات لمدخل مدينة "سبتة" مَن يستضيفهنّ بما وَفَّره لسنين من مال ، يزددن به نفوراً من الحلال ،  مقتربات بوفرته ممّا جعلتهن في البال ، ذات يوم تقرِّرن فيه الاعتزال قبل الانعزال .

إنها صورة مُصَغّرة جداً من عصر المخدرات المزدهر بازدهار سياسة "أتْرُك مَن بَسَطَ يده في العطاء" ، دون البحث ممَّن جاء ، مادام يُنسِي الناس التَّزاحم على أبواب الإدارات الحكومية طالبين الدَّعم الفوري قبل استفحال المآل ، فحَصَلَ رعاع الأمس على الأموال الطائلة بالهَبَل ، يُسْتَقبلون من طرف عامل الإقليم (محافظ المحافظة) كالأبطال ، بما يليق سعة جيوبهم ليعودوا من نخبة أعيان البلاد  بما يخصِّصونه من صدقات على بعض الجمعيات الرياضية واحتشاماً الإنفاق على بعض دور العجزة  ضاربين لذلك الدف والمزمار لإخفاء ثُقب الغربال ، بواسطة سماسرة من نوع خاص مكاتبهم متنقلة بين كراسي المقاهي في مدن "تطوان" أو "شَفْشَاوِنْ" أو "القصر الكبير" أو "وَزَّان" كمرحلة أولى تلتها الثانية أسوأ وألعن وصلت من سفوح المدن إلى قمم الجبال.

... عادت البهلولية من لندن ، بعد حضورها اجتماعا شديد الحساسية  ، وعر الاقتحام ، سامي رُتَبِ المقام ، هَابِطَ الأصل ، ناكر القيم الإنسانية النبيلة ، المُقَرَّر فيه مِن إجراءات لا تُبقِي أملاً لتراجع إسرائيل عمَّا بدأته لتوَسُّعها في احتلال فلسطين ، دولة عربية مشرقية واحدة شاركت مشاركة فعَّالة عزّزت بها الحصول على أوثق ضمانات تحص نظام حكمها وما قد تتوصَّل اليه من مساعدات خلال أوقات حرجة قادمة ، بقلقها وصداعها وما قد تخلِّف من تدمُّر بالغ الخطورة داخل بعض الأوساط الوازنة في العالمين الإسلامي والعربي المرتبطين لحد ما بالقضية الفلسطينية ومصيرها البعيد المدى قبل القصير . كان الاجتماع بمثابة مؤتمر مُصغَّر لأجهزةٍ مخابراتية لكل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ، وتلك الدولة العربية المشرقية كما سبق الذكر . طبعاً إسرائيل كانت صاحبة الحدث المسيطرة على جدول أعماله ، الواضعة كل الدراسات المهيأة من طرف كبار خبرائها في الميدانين العسكري والاقتصادي ، هدفها كان الحصول على المزيد من الدعم المالي المصاحب لحصولها على عتاد حربي  مصنَّع مؤخراً يُستعمل بقدرات تدميرية رهيبة تمكِّن مِن إنجاح عمليات الهجوم ،  وقبل ذلك التأييد لتنفيذ خطة تمتد لسنوات طوال ، تضرب فيها كل العصافير المسبِّبة بزقزقاتها توالد تحركات غير طبيعية ، قد يؤدي نموها إلى زعزعة الاستقرار المحلِّي لدول في أوربا ، إضافة إلى أجزاء لا يُستهان بها مِن ولايات أمريكا . وفي الاجتماع بالذات تحوَّل المُكوَّن عسكرياً إلى واضع إستراتيجية سياسية ، تُواكب عن كثب (بالمراقبة ومواجهة التأثير وتحويل الاهتمام إلى العكس تماماً)  كل مجريات الصراع الخطير الخلفيات والنتائج ، المنتظر نشوبه بين خصمين ، الأضعف فيهما مُسانَد من رأي عام دولي طويل عريض ، قادر في الغرب خصوصاً ، على قلب أي نجاحٍ إسرائيلي إلى اعتداء سافر يعقبه فشل محقَق ، وإسرائيل مهما أظهرت من عدم اكتراث بالموضوع ، تظل خائفة من ديمقراطية حقيقية ، تحترم في عمق ما تبثه من تصرفات إنسانية ذات العلاقة الوطيدة بحقوق الإنسان متكاملة كاملة ، أكان عربياً أو غربياً أصفر البشرة أو غالباً عليها السواد . للأسف الشديد لم يهتم بما طهر على إسرائيل من تَغيُّرٍ مفاجئ تعزز به ما توصَّل اليه العسكري السياسي من إضفاء خط مستقيم ينتهي بزرع أمل طفيف في عقول بعض القادة الفلسطينيين المرتبطين مع دول عربية وأسيوية ، جعلت من حركتهم الميدانية أكثر قابلية للتعريف بنفسها ، بنية إظهار العضلات وإقناع تلك الدول أنها قادرة على سحق إسرائيل متى شاءت ، وما تتوصل به من هبات تُصرف على المفيد المانح ولا شك ما جعلت الدولة العبرية تتحدث مطولاً عن السلام للعيش بعيداً عن التوتر وأشياء أخرى معروفة . المملكة العربية السعودية فطنت باللعبة الإسرائيلية مبكراً ، وقد حذرت في حينها من تثق فيهم من مسؤولي فلسطين ، عن مغبة تصديق ادعاءات الصهاينة ، الذين قطعاً يتهيؤون لاستقبال أي أخطاء مرتكبة من أي حركة فلسطينية ، لتُظهِر حقيقة نجحت لحد ما في إخفائها مدة كافية حصلت خلالها ما يفوق حاجاتها لحرب ، ما شهدت المنطقة داخل حدود معينة أشرس ولا أفتك ولا أصعب منها ، تخسر فلسطين فيها الكثير من الأرض والأرواح ، لم تُستَقبل السعودية بما نصحت به وما كانت تترجاه ليقع ، قائمة بمسؤولياتها ، بل ذهب البعض بإيعاز من إسرائيل إلى التشكيك في ما قامت وتقوم به ، كدافع يدين تبعيتها لتنفيذ سياسة أمريكية شرق أوسطية خاضعة لنصرة إسرائيل وليس فلسطين على الإطلاق ، فما كانت إلاَّ أن تأخَّرت خطوات إلى الوراء .

... البهلولية برهنت بما أطلعتني عليه أنها صاحبة المواقف البطولية ، تستحق احترام وتقدير التاريخ حينما يُكتب بأقلام تمكن أصحابها من معرفة الحقيقة عن تضحيات خرافية .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

الأحد، 18 يونيو 2023

البهلوليَّة والإدعاءات التَّضليليَّة

 

البهلوليَّة والإدعاءات التَّضليليَّة

مراكش : مصطفى منيغ

قد يكون الشَّك حامياً للثقةِ مثل الوردة مُلازماً لعودها الشوك ، كلمتان أينما تواجد الحُسن صفة ومعنَى التصقتا به  ليصبح كل تفسير عن الثلاثة مَشروك ، لكن قرارَ تقريب أو إبعاد هذا عن ذاك  وذاك للإقناع و الاقتناع متروك  ، بوضوحٍ تامٍ وضميرٍ غير مُعارض ونَأْيٍ حقيقي عن كل تدخُّل مَحْبوك ، سلاح صاحبه الحَسَد أو صاحبته الغيرة أو أي مبرر بلا أساس حتى عن التخيُّلِ العادي مَفْكوك . الشك للغاية مزعج مهما تَعرَّض المَعْنِي لما يُكَذِّب تكهناته الشيطانية الرهيبة لا تفارقه توالي ضربات الدٌّكوك ، لتغيِّبَه في باطن العدم مُغَطَّى وجوده بمعدن غريب عليه مَسْبوك ، والسَّبَب في"الثقة" إن وضعية نسبتها متفاوتة المساحة بين عنصري المتعاملين بها التحاماً عن حُبٍ قد يبدو متذبذباً باعثاً خارج الإرادة الضعيفة أحياناً رسالة شُؤم لِمَلاَذِ المتسرِّعين الأشقياء الشَّك السيئ السلوك ، الشوك زعيم الوخز كلما صَغُر حجمه تضاعف ما يزرعه من ألم قد يحتاج عند استئصاله الرحمة كهارب رغم براءته لفائدة الشك عما هو أخطر ممسوك ، وخز يدافع الجمال به عن نفسه بوسيلة تاركة للذكرى عدم التقدير في أول لقاء مع حَدَث جليل يعيد الحيوية للمنهوك .

سألتني البهلولية مَن أكون ؟ ، ولا أشك في خلفية مثل السؤال لثقتي  المتوازنة ، الوازنة ما مَضَى بيننا بميزان العقل المُفعم بإرادة لا تلين مُدركة لما لها وما عليها ، غير مانحة للعاطفة أكثر ما تستحق ، لِذا أجبتها بابتسامة أصرِّح من خلالها عن اندهاشي العابر غير التارك أي أثر سلبي ، اللهم إن كان القصد اكتشافها بعد مدة ، أنني لست بالمغامر الباحث عن استغلال مناسبة كبرى لأطفو على السَّطح كشخصية لها ما يجلب صوبها عن استحقاق التقدير والاحترام ، والفضل في ذلك عائد ولو الجزء البسيط منه ، لمدينتي القصر الكبير وتطوان  ، وقد كان لي فيهما معاً صداقات متينة مع يهود مغاربة من الجنسين ، منهم مَن ترعرعنا وسط مجتمع لا يعرف الكره ولا ينخدع بالنفاث ولا يجرح لتلبية عادة تُقَوِّي إنساناً على الآخر بمجرد أنه يهودي ، فجاء الارتباط التلقائي النظيف الفاسح أمام كل واحد فينا مهما بلغ تعدادنا ، إن حصل أي لقاء أراد القدر أن يتم بيننا ، جاء سلوكنا أثناءه ناصع البياض ولا نقطة سوداء واحدة تُعكِّر تاريخنا الإنساني المشترك .

قالت متأثرة عن كلامٍ فاهَ به صديقي الضيف الثقيل ، الرجل المهم وجداً في إسرائيل ، وهو يوصي الجميع بعدم التعرض لي والبهلولية بما يضر كلانا ، وهذا ليس من شيمة الدولة العبرية المشغولة  لا زالت تبحث عن المزيد من الأراضي الفلسطينية تبلعها بلعاً أمام أنظار العالم متقدِّماً كان أو متأخرا، وما يتطلب منها ذلك من عدم التوجُّه لمثل المسائل الاجتماعية الطفيفة الصُّغرى ، مؤكدة لي أن الاهتمام بي لهذه الدرجة يتجاوز المقبول ، خاصة وإسرائيل أمام نفس الوضعية لرجل مثلي ، إما أن تحتضنه قولاً وفعلاً أو تصفيه تصفية غير تاركة لحجة أو اثر أو رسم ، بمعنى أن تلقَى معي البهلولية نفس المصير . وبصراحة أشمل أصبحت خائفة مني بدل الخوف عليَّ كعامل جرَّ تفكيرها إليه مطلع الشك الزاحف في محيط تجد نفسها وسطه يحتم عليها بالمطلق أن تختار هذه المرة اختياراً قد يحوّل حياتها الشخصية إلى جحيم مواجهة لها ما لها ، إذا فشلت في استيعاب شروطها ومتطلباتها الصعبة  المنال ، أصبح الانزواء والتقهقر والاندثار كاسم له قيمة من نصيبها الحتمي ، أمَّا الفوز أو النجاح كلما انفردت بترجمة قناعاتها لوحدها اتضح عن مؤشر موثوق النتائج  قلَّة حظوظه ، إن لم أقل استحالة توفُّرْه بالمرَّة ، فعلينا أن نبقى معاً كرقم واحد في تلاحم لا يقدر على فكِّه أحد مهما بلغت قوته ، لأنه معقَّد التركيب  بمفعول حبٍّ أحَبُّ ما فيه حُب الحُبِّ لحبِّه المتسامي على العشق ومترادفاتٍ بمفاهيمها الكثيرة عن عالمه المتصل بالإبقاء على محاسنه ن ومنها التوافق الثنائي في عمومياته كخصوصياته بين امرأة ورجل ، أو العيش المنزوي عن مثل الفعل ، العديم التمتُّع بمباهج الحياة الطبيعية أصلاً ، معادلة لا علاقة لها بالصراع الدائر بين خصمين غير متكافئين ، إسرائيل المالكة المال والسلاح وتأييد أكبر وأقوى دولة في العالم الولايات المتحدة الأمريكية ، وفلسطين العديمة إمكانات الحرب بالمفهوم البالغ الدقة دون فرض تفاؤل يناقض  الحاصل على الأرض ، محاطة باثنين وعشرين دولة أعظمهم يسبِّح بحمد أمريكا ، المعتبرين إياها أن بقاءهم مِن عدمه راجع لرضاها أو سخطها عليهم . الدفاع عن الوطن يحتاج القدرة الحقيقية للتمكن المُجدي لهذا الدفاع ، غير النافع فيه لا ترديد قصائد شعر ولا الصدح بأحسن المعاني المؤثرة المغناة عبر الساحات أو الأثير مع الهواء ، الدفاع كلمة لا تُنطق إلا باندفاع ناتج عن تعبير مُقَوَّى بالقوَّة فعلاً وليس وهماً ، بالقوة المادية وليست المعنوية . إذن أمامها الطريق المحفور بسريان دم غزير متدفق من أجساد شريفة بريئة لا حول لها ولا قوة رابط جأشها الأمل في الغد ، فيأتي الغد ولا  ييأس أصحابها من رحمة قد تلف مستقبلهم بتلبية الرجاء ، بعد حاضر صبغت إسرائيل أيامه الماضية بأسود ظلام الظُّلم وأحمر سائل واصل ما يرمز اليه لكل المحافل الدولية بغير استثناء  لتتذوقه فتبارك بصمتها وعجزها ذوقه .

... عند هذا الحد صرخت كأول مرة أصرخ في وجه الحسناء البهلولية ، لتكف عن سماع فالتأثر بالادعاءات التضليلية ، وتتجه برفقتي لنكون  ذاك الثنائي الأول تاريخياً في مستوى ابتكار مشروع إنساني ثوري سلمي لمساعدة فلسطين والحفاظ على حقوقها كاملة  من قلب إسرائيل .

مصطفى منيع

سفير السلام العالمي

الجمعة، 16 يونيو 2023

البهلولية والأسئلة المتتالية

 

البهلولية والأسئلة المتتالية

مراكش : مصطفى منيغ

ما عوَّضَ الفعل معسول الكلام ، وتخويف أغلبية النَّاس بالحرمان حتَّى من  متعة الأحلام ، يتخيلون بها أن الغد قادم بالفرج الأقوَم ، وتحويل الآدميين ممَّا كانوا عليه كالأنعام ، إلى أسياد أنفسهم لهم الحق في الاختيار الحر بقول "لا" بدل الإدمان على إعلان التفاني في الطاعة العمياء الخرساء بتكرار "نَعَمْ"، قد تكون نقائص الاطمئنان بالوعود بمثابة قيود تطبع الحال بطابع الدوام ، المُتَّفق عليه بوثيقة تفرض على محرريها الالتزام ، بما جاء فيها غير مكتوب بل مقبول من كل مسؤول رفيع المقام ، إذا فُرِضَ النقاش حول الأمر مِن طرف الهيئات الحقوقية التابعة لمنظمة الأمم ، توقف القبول الرسمي عن طلب مُهلة لتيسير كل ميسورة سهلة بتنظيم جولة داخل مربَّعات نموذجية على وجه السرعة تُقام ، سُمِّيَت (خلال أربع وعشرين ساعة لا غير) بقرية السلام ، هكذا مرت في ذاك الشمال المغربي (المَنسي المُهمّش ساعتها) الأيام ، وتَحَمُّل الشقاء يٌوَلِّد تيار الانتقام ، وما أصعب على الشباب وأعمارهم تُسْرَق وأجسادهم تُضْرَب وعائلاتهم تُضْطَّهَد وبالتالي مستقبلهم محكوم عليه بالإعدام .

... القصر الكبير مدينة  ابتدأت بها الحضارة في المغرب ، ما كان هناك لا مدن الرباط ولا فاس ولا الدار البيضاء ، حملت مع شقيقاتها "طنجيس" و"تمودة" و"وليلي" وأُخريات على أصابع اليد عددهن مسؤولية كتابة تاريخ التمدّن  في هذه الربوع الواسعة الفضفاضة  من شمال إفريقيا الغربي ، فيها سادت ثم بادت أنْظُم و أَقْوَام ، ظلَّت باحثة مع ما تبقَّى من أبنائها جيلاً بعد جيل عن ترسيخ كيانها ، متحمِّلة ما سَبّبَه لها كنز عراقتها ، وبقائها على نفس  الجوِّ الطبيعي تُعانقه في أُلْفَةٍ طيِّبة ويعانقها لتكون أول منتج لزراعات أكلت منها أوربا الشيء الكثير ، فشيَّدت أسس تكيُّفِّها العجيب مع تعاقب الحقب والقرون ما جعلها تنموا بنفس مساحتها ، غير خارجة عنها تتقلص وتنكمش أحياناً لتنهض وتتوسَّع من جديد ، ولكن على نفس الموقع لا تغادره أبدا . فَطن بخيراتها كل سالب لأرزاق الغير ، فتركته ينهب كما شاء لكنها تجازيه بعلَّة هي لعنة تلاحقه ما عمّر ومِن بعده ما خلّف ، هناك نماذج لا نريد كشف ما ارتكبت في حقِّ هذه المدينة الشريفة ، لأسباب نترفَّع عن ذكرها جملة وتفصيلا ، مسجّلة عندنا على الورق المُقَوَّى .

... لليهود في المدينة أملاك وعقارات متى عادوا إليها قُدِّمَت لهم على طبَق من قانون يَرْعَى حقوقهم بالكامل حتى في غيابهم ، البعض نسي أن التاريخ لا يلعب مع هؤلاء والشهود جاهزون لا زالوا على قيد الحياة مصطفى منيغ أحدهم بحكم السنوات الطِّوال التي قضاها بجانب فضاء سيدي بلعباس ، أو تحديداً في حي  "المْزِيبْلَة" حيث دار  القائد"الملالي " التي كان مجرد المرور من أمامها يستوجب السبب المرفوق بالحجة المقبولة  وإلاَّ اعتُبر ذلك تعدِّي على "المخزن" ، إذ هناك مسالك أخرى مسموح المرور بها أضْيَقها على مستوى المدينة برمتها درب "بِلْهَرَدِّيَة"، على العموم لا زال الحديث الصريح الواضح حول العديد من القضايا يترقَّب الوقت المناسب لوضع الحروف بنقطها مكوِّنة جُملاً مفيدة ، مَن قرأها ممَّن نعرفهم جيداً أحسُّوا بالوجع في بطونهم .

... أنهى الشاب الوسيم كما عرفته في مدينة تطوان من أعوام ، وكما لقّبته الحسناء البهلولية بالضيف الثقيل ، وبالتالي ما يعلم الجميع عن وضعيته كأحد كبار العلماء مَن كلمته جد مسموعة من لدن حكام إسرائيل ، أنهى كلمته بتوصية جد حريصة على سلامة شخصي و الابتعاد كأمر يُنَفَّذ عما بيني والبهلولية بقينا معا أو افترقنا وإذا أردت زيارة إسرائيل سأكون مرحبا بي وقتما شئت متعاطفا مع الفلسطينيين أو  مؤيداً لهم فذاك شأني لمعرفته بقدراتي الفكرية المتفتحة على الخير مهما كان الجنس المعني أو دولته على امتداد القارات الخمس .

... تدخل والد البهلولية ليعلن انطلاق لحظة الفرح بالرقص والغناء رافعا صوت آلة التسجيل على أغنية سالم الهلالي اليهودي المغربي صاحب ملهى ليلي بمدينة الدار البيضاء ، لم يبق منه سوى الاسم  الكُوك دور (الديك الذهبي) ... اقتربت مني البهلولية وهي تحملق في وجهي كأنها تراني لأول مرة في حياتها وقد سبق لسانها بالسؤال : حبيبي مصطفى مَن أنت ، حقيقة مَن أنت ؟؟؟.

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

الأربعاء، 14 يونيو 2023

البهلولية النابغة الإسرائيلية

 

البهلولية النابغة الإسرائيلية

مراكش : مصطفى منيغ

بالأحضانِ تُسْتَقْبَلُ التَّافِهات ، وبالنفور تَلْقَى الطيبات ، مِنْ نَفْسِ العناصِرِ بالذَّات ، فأيُّ أخلاقٍ هذه تعكس الآيات ، أمِن أجل بقايا فُتات ، مقذوفة في المواسم المعروف لها محطَّات ، لزُبناء مَحْصِيَة أشكال ما يظهرونها من طاعات ، تُسايِر نفس التِّكرار أم تغيَّرَت فيها صِفات ، داخل موطن لا يقبل التَّجديد وكلّ رافع للرأس مُعاندا بالتَّنديدً رحمة الله عليه فقد مات ، بلا تحقيق ولا معاينة لِما قد تتركه على مسرح الجريمة أية بصمات ، كثير عليه أن يُدْفَنَ مجاناً بجوار إحدى المستنقعات ، غير المُجفّفة عن قصد لإخفاء ما في قعرها من دلائل ويلات ، فلتُترك لعصرٍ قادم تُشيَّد فوقها عمارات ، لإسكان المنعَّم عليهم الضائع على ألسنتهم السؤال عن الذي فات ، والحاضر فوقها الشعار الدائم المفسدون للمفسدات ، وسَلِم (عن خطأ) مَن فهم وأَطْبَقَ على نفسه بالسُّكَات ، ليحيا وعياله كالعادة مسلوب الكرامة محتضنا التفاهات نافِراً من المُصلحات النَّافعات ، لغاية أجَلٍ لا أجل له محشوٌّ مع كثافة الظلمات ، إلى أن يجد نفسه إن دقَّ الفجر الحازم بالحق أنه مضاف لتلك التفاهات منبوذ من سائر الطيبات ، يدور حول نفسه ولا أحد من أسياده بالأمس افتداه ولو بأقل قليل تلك المُخلَّفات ، قبل أن يرحلوا هائمين وقد سُدَّت في وجوههم موانئ البحار والمحيطات ، ومُنِعٌوا مِن التوجٌّه لمختلف المطارات ، ليتسكَّعوا فترة والناس تضحك عليهم في سائر الطرقات .

الجميل مَن لا يتنكَّر للجميل الذي تلقاه من الأصدقاء والصديقات ، مهما أوصله القدر لما ليس له فيه أدنى اختيار أن يتذكر ولو النزر القليل من تلك اللقاءات ، الضاربة (بما تم خلالها من عهود) لبَّ الضمير والناقشة على الوجدان نِعْمَ الكلمات  ، والثابتة على العقل باركان الوفاء مهما جرت من تغيُّرات ، وأحاطت بهالة الاجتهاد الإنساني النبيل كل تفكير يزرع المستقيم لحصاد وفرة الخيرات . ثلّة من الشباب كنا فيهم يهود مغاربة لا يفرق بينهم إلاّ الدخول في بعض الأزمات ، حتى لا يدركنا شك السلطات ، الأمنية السرية أم الملحقة بها علانية لنشر مُسكنات ، الآخذ بها محاط وفوراً بالخاصة من القوات ، الحاصلة على الضوء الأخضر لتكسير أضلع البشر كما تٌهدَّم المستعصيات ، من الأسوار بأمرٍ من حفنة طغاة ، تولاهم بمثل المناصب الوزير إدريس البصري الماسك العصا ودفتر الشيكات ، يداوي هذا بتلك وهذه حسب عُقَدِ المزاج بأخريات ، غير تارك لنفس الإدارة (لما قادها الجنرال أفقير وكأنها خلية رهيبة يمكن أن تكون أي شيء إلا وزارة الداخلية) أية مهنة حابسة لأنفاس الجميع بما فيهم حتى القرويات . من اليهود كان معنا الشاب الوسيم المبهور بالعلم على جد الاجتهاد قائم يهضم عقله بانتظام كل كتاب وما شكلت ضخامته من صفحات ، لا تنتهي إلا عبر دقائق نتبادل معاً أعمق الحوارات ، تطال عبورنا ذات يوم لدنيا الغرب لانتقاء الأحسن والأفضل للتمتع بحياة آخرها كبدايتها مسرات .

... الضيف الثقيل لم يُنهي خطابه المُطوَّل الهام للتعريف بالمُحتفَى به تلك الأمسية الفريدة من نوعها القائمة في بيت عائلة النابغة البهلولية الكبير بمدينة بروكسيل ، حيث استطرد بصوت مرتفع بما رآها نقطا يُستَدلُّ بها والمستقبل يتطلَّب المزيد من الحذر كي يتسنى لليهود في هذه الربوع أن يكونوا في مستوى تأسيس الوطن الجامع لمن خَبَّرُوا لعنة الشتات وكاد الضياع ينهي حياتهم فوق هذه الأرض الواجد فوقها كل بني آدم المستقر الطبيعي إلا اليهودي الباحث منذ قرون عن فرصة مثل هذه ولا يجب تضييعها بخلق عداوات بيننا وأناس احتضنونا بكل ود وإنسانية ومصطفى منيغ المغربي الأصيل أحدهم ، بالرغم ممَّا كان يعانيه من تدمر بالغ والمغرب محط استغلال طبقة معينة تركها الاستعمار لتقود بعده مثل البلد المُحرَّر بجهد جهاد أبنائه البسطاء الذين شكلوا  بعد الاستقلال ، بالتهميش المسلط عليهم ، الدرجة الثانية التي عليها الاستماع والطاعة ولا شيء بينهما إلا العصا لمن عصى ، كان معارضا من أجل إنصاف أبناء الشمال عامة ومدينتي  القصر الكبير وتطوان خاصة ، الشيء الذي عرّضه للحرمان والمنع التام من الحصول على جواز السفر ، لكنه ما تهاون ولا ترك اليأس ينهش تطلعه لتنفس الهواء في أجواء أوربا مهما بَعُد توقيت انجاز ذلك ، فخطَّط وكان مُحِقا في تخطيطه مُوفَّقا أكثر ما يكون التوفيق في الحصول على مبتغاه بإرادة لازمته حتى هذه اللحظة ، فبدل أن يتابع دراسته بالمعهد العالي للعلوم الاجتماعية الملحق بعد ذلك بكلية الآداب التابعة لجامعة محمد الخامس بمدينة الرباط ، تقدَّم لامتحان الحصول على وظيفة خصت بها وزارة الداخلية  عمالة إقليم(محافظة) تطوان ، اجتازه بأعلى درجة في التنقيط ليصبح أصغر موظف عرفه تاريخ تلك الادارة ، فكان أول عمل قام به الحصول على جواز سفر ، أخبرني بذلك في لقاء ضمنا داخل حديقة "رياض العشاق"  التطوانية حينما كانت بالفعل حديقة  متوفرة على مستلزمات الهدوء ومزروعات الورود وهمسات المبتدئين رحلة العشق الجميل ، وهو في حالة من الفرح ما عهدته فيها على الإطلاق يحدثني عن بداية خطواته صوب الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط .

... مرَّ على الحدث ما يقارب السنة حينما اتصلت بي شقيقتي باكية ، سألتها ما الخَطب قالت هو صديقك مَن جرَّدني من الوضعية التي كنت عليها أمام موظفي تلك الادارة ، التي كلما دخلتها سعى الجميع لخدمتي ، وأنا وسطهم معجبة بجمالي لدرجة غرور الكبرياء ، اتصلت برئيسه المباشر السيد مصطفى العمراني ورئيس هذا الأخير محمد بناني المكلف بقسم الشؤون العامة ، ولا أحد استطاع إقناعه بحقي في تجديد جواز السفر بعد انتهاء صلاحيته ، لا أدري عن أي فصل من القانون المعمول به في هذا الصدد ، اعتمد عليه وطردني من مكتبه بشكل مروع . اصطحبتها ليستقبلنا مصطفى منيغ داخل مكتبه مقهقهاً لنتعانق كالعادة ويدعونا للجلوس طالبا من أحد عناصر القوات المساعدة أكواب القهوة لإظهار أنبل حفاوة بنا ، قلتُ له الماثلة أمامك أختي مِن والدتي ، لهذا السبب لا تحمل نفس اللقب ، طلب منها الجواز المنتهية صلاحيته وما هي إلاَّ دقائق عن غيابه حتى دخل علينا ليمدني بجواز جديد طالباً من أختي التوقيع على الاستلام ، التي لم تتمالك عن تقبيله قبلة بقيت مرسومة في ذهنها وهي في تل أبيب حتى اليوم منتظرة اللقاء به لتشكره على طريقتها من جديد ، فلولاه لما وصلت إلى ما وصلت إليه .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

الثلاثاء، 13 يونيو 2023

إيران مع مَنْ ؟؟؟

 

إيران مع مَنْ ؟؟؟

مراكش : مصطفى منيغ

اختاروا لنا حتَّى مَنْ نكره إن لم يكن بشكل أشمَل فعلى الأقلِّ ذكراه ، باعتقال أثمن ما فينا العَقل لتجميل ما رأوا عسانا مثلهم مرغمين نراه ، بداية جربنا سريان منتوجهم الفكري من حولنا دون أن نتخلَّى عمَّا يسكن مهجنا من الداخل أو ننساه ، الحِكمة تقتضي عدم السباحة ضدَّ التِّيار بل البحث عن إبعاد التيار عن ضده ذاك بما ملكناه ، من ضميرِ قِيَمِ مَن يحاول تدميره سعَى في خراب آخر مثواه ، فلن يقدر ساعتها على الرَّحيل بل ينأى عن مرماه ، قلا شيء يبقَى على حاله ولا ثمن يساوي تحويل نَهْرِ الوَعْيِ عن مَجْراه ، وليس الزمن مَن يحصى فرص الاكتفاء بما ربحناه ، معرفة تصل لأدقِّ خليَّة في سياسة الأكبر مِن الكبيرة ودنياه ،  المزينة بتخويف الخائفين أصلاً من وضعية الكلّ ولمن امتدّت يداه ، فلم يزداد إلاَّ تمسكاً بالقشور نافراً مِن جوهر الأمر الهام ومَبْلَغِ مداه .

... مَن الأقوَى الآن إيران أم الأمريكان حينما يتعلق المستقبل بترك صداه ، لحاضر يتحسَّس الإجابة الصادرة عن صدور المنتظرين  كلّ وما ذهب إليه مُبتغاه ، أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية (الأكبر من الكبيرة) قادرة على تقبُّل الصَّدمة إذ ثمة البدء ومنتهاه ، أيضا في ميدان السيطرة عبر جيلٍ مالت به الوقائع غير العادلة للتذمر من عبودية انبطاحٍ لدكتاتورية ديمقراطيتها مثله مثل سِواه ، في بلاد عمّرت أهلها بخيلاء ازدهار ونماء وتَكَبُّر فبقيت في الخلف بلا زاد يكفِي ولا مَرْعَى لمن تمدها بالدهنيات ولا تَطلُّع لاسترجاع حقوق الحريات ولا آخر الواوات الواصلة للكفِّ عن ويلات إمساك الإنسان الثائر على الظلم من قفاه .

... أجل القوة امتلاك عير مشروط للنفوذ وبسط الكلمة المسموعة على الأقل قوة ومَن معه يحميه أو يرعاه ، فالذي جعل أمركا لتحظَى بما هي فيه لإيران مثل الواجب و بها مِن العلم والعلماء ما يضمن الاكتفاء مِن سِمات عظمة الجاه المطلوب في محيط المتنافسين على التميُّزِ وما حَواه ، مِن كرامة إمساك الفقر التنموي والقذف به لذكرى دهرٍ يفرِّق بين التبعية للغير ووقوف الحر حيث وصلت به بالجهاد والاجتهاد خطاه ، يتمعَّن ومَن معه على نفس النهج يتدبرون في مودة وإخاء قضايا تهم الإنسانية في مسعاها الحثيث للحياة الطبيعية العادية الطيِّبة المفعمة بالعيش الكريم والمتوجة بتطبيق حقوق الإنسان وكل ما في الحلال يتمناه ، إيران لا تستحقّ العداء كما دعت ولا زالت تدعو اليه الولايات المتحدة الأمريكية من باب التخويف ليس إلا وما يتبث أن ما تتمتع به يبقى حكرا عليها والباقي كنجوم تحوم حول القمر في ترتيب مبعثر لا يصالح السلام ولا يصلح للتعايش الإنساني على الحب والمودة والوئام كلّ مطمئنّ في محيطه المسؤول المباشر دون تبعية عقيمة عن حماه .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

البهلولية اليهودية المثالية

 

البهلولية اليهودية المثالية

طنجة : مصطفى منيغ

الخير شيمة الصلاح لدى المُقَدِّمِ به عُنواناً بارزاً في مِلَفِّ حياته الدنيوية ، له القيمة المضافة للمضافة بالتتابع لغاية تسديد المحتاج )على حين غرة( دين ورطة أوقعه داخلها موقف إنساني يعاكس قناعة جماعة صهيونية ، همها الأكبر في ربح تربعها على أعناق الغير ولو كانوا من عِرْقٍ أو أنساب يهودية ، عدوُّهم اللدود الواقف بالمرصاد يقلِّل من شرورهم بعمل الخير في أقربهم للتوبة بالشروط السهلة المُيَسَّرَة  العادية ، ليس اليهود كلهم على دين الطغاة منهم هناك مَن يخفى تعاطفه مع دين الرحمة  إن وَجَدوا في المملكة السعودية تحديداً مَن يتبنَّاهم بالرعاية والحماية واقتسام لقمة العيش معهم لربحت فلسطين متنَفساً جديداً عليها يُقَوِّي عزيمتها ويُخرِجها ممَّا هي واقعة فيه آجلاً أو عاجلاً الذوبان مع كَثْرَةٍ تصبُّها بطون الإسرائيليات على مساحة يفرض  الواقع انضمامها بقوة القوَّة إلى ما ضاع منذ 48 حتَّى الآن . الخير أنقد بَعْدَ فترة طويلة  جاد به (الذي جاد لتخفيف كربة إنسانة) مَن واجَهَ شَرّ الانتقام ممَّن ألِفوا الإجرام للحصول على نفوذ حسبوها لصنيعتهم إسرائيل أبدية ، الخير قوة مزروعة بالفطرة في وجدان المكتوب عليه التمسك بالتَّقوى لمناشدة المُبْتَغَى إدراكه كحقٍّ بالتي هي أقوَم الكلمة الطيِّبة وعدم الانحناء لبني البشر مهما وصل صيتهم وتعالوا فوق الكبرياء بما اكتنزوه من أرزاق بعير موجب حق ، الخير فسَّره بعض اليهود أنه ضعف تنطوي عليه عقول نسي أصحابها ما تعرَّض اليه اليهود في مشارق الأرض ومغاربها من إهانات وإذلال دون تدخل خير مُغطَّى كان بما هو أشرّ من الشرِّ مَسْح الجنس اليهودي من الوجود .

... الحاجة ليست لمزيد وقت حتى يتسنَّى للفريقين المتصارعين الجلوس الند للند للتفاوض ، عن نوعية التفاوض ، إن كان تفاوضا على قبول الأمر الواقع والانطلاق على ضوئه لترتيب ما تَبَقَّى من حيثيات تفاوض إضافي لإقرار تفاوض مُتَفَاوَض عليه فيما سبق من تفاوض ، أو البدء من حيث يجب البدء ببداية البداية المبتدئة من بادئ الأمر لتبدأ الترتيبات المترتبة عن الترتيب الدولي الصادر عن مجلس الأمن الغير قادر على تأمين مقرراته كي لا تضيع وملحقاتها سنة بعد سنة إلى آخر المسخرة عنوان مسرحية النزاع الدائم المنزوع من رحمة الحلول إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . هكذا ساير الإسرائيليون اللعبة وتبعهم بضع فلسطينيين الذين كانوا في أمس الحاجة إلى إطالة الموضوع لغاية العثور على ممولين يمنحون بغير مقابل ويساهمون ما دامت الأرض عربية والقدس معلمة إسلامية لها قدسيتها ورمزها المتعلق بهما كل المسلمين الشيعة قبل عرب السُنَّة .

... نِقاشات مُطوّلة مسرحها كان فوق الأرض البلجيكية بين يهود ويهود ، مَن كانوا مع حُكام الصهاينة الرواد ، متى انطفأت ولو مؤقتاً نار الفتنة أشعلوها بما يجمعونه من أموال وما يتوسطون به من أجل جمع عتاد متوفر على القدرات القتالية العالية والكل يصب في تل أبيب يُتَرَجَمُ لعشرات القتلى والجرحى بلا عدد تضيق بهم المستشفيات الفلسطينية المميزة بالعجز الدائم ، وفريق من نفس اليهود ينادون بفرض السلام على قياس إسرائيل دون تدخُّل الحق الفلسطيني باسترجاع ما ضاع لا ينقصه أي شبر إن كانت أرضاً أو أي ورقة إن كانت وثيقة لها ثقلها القانوني ، وهيهات أن يتم التوافق حتى على وضع كلمات لضبط جُمَلٍ قارؤها الحكيم العاقل مهما تواجد داخل إسرائيل أو ما تبقى من الدولة الفلسطينية .  

... رنَّ جرس الهاتف فإذا البهلولية تخاطبني : الضيف الثقيل وصل ، ما أن رآني حتى صاح في وجهي ، كأنني جارية عنده ، أريد اللقاء بالمُحتَفَى به  ، لما لم يرافقكِ لاستقبالي ، حتى لا نضيِّع الوقت واتَّخذ في حقه ما أراه ملائماً من إجراء . أرجوك حبيبي مصطفى، بعد دقائق من الآن ستجد بالباب سيارة موضوعة رهن إشارتك، تنقلك إلى مدينة "لِيلْ" الفرنسية، السائق سيتكلّف بإقامتك هناك ريثما ألحق بك ساعة مغادرة هذا الضيف الثقيل غدا أو بعد غد لا أكثر. أجبتها بنبرة جد جدية مغلفة بأدب جَمّ : بحق حبنا الغالي  أرجوك ألاَّ تستمعي لما سأقوله لكِ وحسب بل نفذي ما يتضمَّنه بالحرف الواحد ، سأحضر إلى البيت بعد نصف ساعة تحديداً ، لأجدكِ هناك هادئة رزينة كأنَّشيئا لم يطرأ تماما على بالكِ ودعي التصرُّف كلّه لي ، فأنا أكثر معرفة منك بذاك النَّمَط من اليهود ، إذا أظهرتِ الخوفَ منهم تَفَرْعَنُوا أَزيَدَ وأكثَرَ عليك ، وإن وجدوكي كالنخلة مهما أمالها الريح الصرصار لا يسقطها رغم علوِّها فتتكسَّر احترموك رغما عن أنفهم . حضارة العصر تقتضي التصرف بحكمة في الأوقات الحالكة إن تماثلت لأمر طارئ لم تتهيأ له بما فيه الكفاية ، وربما تكون هذه فرصة للتعرف على مصطفى منيغ بكيفية أوضح وأدق وأنصع .

... الجميع كان في انتظاري وعلى رأسهم الضيف الثقيل الذي دنا مني مستغرباً يسألني لما تضحك ؟؟؟ ، قلت له كلما رأيتك تذكّرت شقيقتك ، هنا عانقني بحرارة وهو لا يكاد يصدِّق من وَقْعِ المفاجأة التي غيَّرت ملامح وجهه ولم يقدر على إخفاء فرحته بل ويبدل بها لحظات توتر سادت القاعة من وقت قصير الا بتصريح ناري وجَّهه كطلقة مزعجة الصوتِ لوالد البهلولية قائلا : أمن أجل هذا الرجل أحضرتني لأضع حداً لوجوده بينكم وهو الأحسن منكم جميعا بالنسبة إلي؟؟؟ ، كم مرة قلت عنك أنك غبي لكن هذه المرة أبلغك أن تأخذ عطلة طويلة الأمد لتريحنا من سوء تقديرك ومحاولة جرّنا لارتكاب أخطاء المفروض أن نتجنَّبها في الوقت الراهن وإسرائيل تبحث النجاة بقارب صغير تتقاذفه أمواج بحر يابسة العربان من كل جانب . البهلولية ابنتك اليهودية المثالية الذكية ألف مرة منك ،  استطاعت أن تتقرب من هذا الرجل بل تنزع منه ما لم تستطيع أي امرأة من قبل أن تنزعه ، الاهتمام بها وعدم الانشغال عنها ومنحها كل طاقات الحب الكامنة في رجل إذا عشق أخلص في عشقه وإذا عاشر أسرة جعل منها المثال الأعلى مجاملة مقبولة وليس نفاقاً عابراً ، وحتى أتركَ فيكم الثقة الكاملة في هذا الرجل سأعرفكم عليه بصورة لن تأتي بمثلها لا المخابرات ولا مَن شابهها من تنظيمات أغلبيتها معروفة لديكم ، في يوم وأنا ازور بيت العائلة في مدينة تطوان المغربية رأيت شابا يركض والشرطة تطارده وما أن وصل لباب منزلنا مسكت به لأدفعه صوب الداخل وأغلق الباب خلفنا ، السبب كامن في مظاهرة طلابية نظمها مصطفى منيغ الرئيس آنذاك للاتحاد الوطني لطلبة المغرب فرع الشمال ومقره ساحة "الفدَّان" الطابق العلوي لمسكن تحته مقهى على طريق يؤدي للملاح فالمدينة العتيقة ، مظاهرة تتحدى السلطة لأنها خرجت دون الحصول على رخصة ، في ذاك الوقت كان الاتحاد الاشتراكي  للقوات الشعبية الحزب الأكثر قوة بعدد المنتمين إليه الممثّل الأول لمعارضة يقودها الأستاذ المهدي بنبركة المُغتال بباريس  في تاريخ لاحق ، مصطفى منيغ كان أصغر رئيس فرع  نفس الحزب بمدينة القصر الكبير قبل إبعاده عنها بتدبير تعسفي محكم ليتابع دراسته في العلوم التجريبية بالبوليتكنيك الواقعة في متم شارع النخيل في اتجاه مخرج تطوان نحو مدينتي شَفْشَاوِن وطنجة .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

السبت، 10 يونيو 2023

البهلولية المسؤولية الأولوية

 

البهلولية المسؤولية الأولوية

طنجة : مصطفى منيغ

الجازم في الموقف باليقين ليس كالمستَيْقن المبتدئ بالبحث عن التَيَقُّنِ ليصل في التصرُّف لمثل المستوى ، إذن بين الأول والثاني فرق كالذي نَطَقَ بما عَلِمَ وأسهبَ في الشرحِ عن بسالةٍ وإقدام وذاك الذي بما علم عن النُّطق به خافَ وحتى لا يندم عن صمته انزَوى ، وليعاين المؤرخ صاحب ضمير القيمة الحقيقية  لمن عايشَ المرحلة  انطلاقاً من ستينيات القرن الماضي وهو على حافة بركان يغلي بأشد الصراعات المتداخل فيها الأفتَك مع الأقْوَى ، وذاك الحالم المتنقِّل بين فنادق أوربا يوزع الكلمات ويتجرّع مع المتجرعين نَخْبَ صهباء للإشادة بزعيم تلو زعيم منهم المتقن أكل كَتِفِ أي خروف لملء الكرسي صعد ومَن لخيبته هَوَى ، والمتروكين هناك خلفه يتعذبون وسط جحيم يتناقص عددهم بالهروب لبلاد الجوار أو توديع الدنيا بفرط ما يُسلَّط عليهم من رصاص الرَّضيع كالمُسِنِّ منه إكتوَى .

... لليهود خطط لا يعبؤون بالتوقيت الزمني كي ينجزونها ولو بتؤدة  وبطء يثيران أعصاب مَن حولهم  ألفوا التسرّع بلا قاعدة ارتكاز أو نظرة تفي مع الاستمرارية بما ذهبت اليه كفيروس مؤكد يُخفي للتقصير عَدْوَى ، وحينما أقول اليهود اعني بهم الذين ازدادوا وترعرعوا مع العرب أكانوا في المغرب أو مصر أو السعودية أو سوريا أو لبنان أو العراق أو أي قُطْرٍ آخر ليتصرفوا ولهم إسرائيل تمدُّهم بما يحتاجون اليه من حماية ورعاية وما يكفيهم في المهمات الموكولة إليهم من إمكانات مادية مقدمة مُسبقاً بها مِن كُلِّ داءٍ السَّقيم منهم  يتداوَى، انتشر مقامهم في أوروبا عامة لسببين يتعلق أحدهما ببلجيكا وثانيهما بألمانيا وفي كلتنا الحالتين لا علاقة بفلسطين على الإطلاق فتلك مسألة لها فرق أخرى ظاهرة أو مدسوسة في بلاد عربية من المحيط إلى الخليج وبخاصة المغرب والمملكة العربية السعودية ومن بينهما حسب المصالح المشتركة يتساوى ، لذا نجد انتشارهم بكثافة  داخل الدول القريبة أو المحيطة أو الملتصقة جغرافيا مع ألمانيا أولا وبلجيكا ثانيا ليس بسبب القضية الفلسطينية كما سبق ذكره  ولكن لتنفيذ الزحف المبرمج بعناية قصوى ، لاسترجاع اليهود في ذاك البلد مكانتهم المهمة جدا قبل ظهور أدولف هتلر الذي أراد إبادتهم بدل اختطاف ألمانيا من الألمانيين وهم لا يشعرون تماما كالحاصل اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية حيث الكلمة الأولى  والأخيرة سياسيا كانت أو اقتصاديا هي في الواقع لليهود وكل مَن بفضلهم استقْوَى .   كانت لي مع البهلولية سهرات حوار لا تنتهي إلاَّ باستفادة كلينا نصل أثناءها لكشف ما يذهب إليه اجتهادنا لمعرفة نوع من المستقبل الذي ستعيشه المنطقة برمتها ليس هذا باطلاع على الغيب ولو عن طريق الخيال ولكنه علم دقيق يتبع ما تتضمَّنه المعلومات الصحيحة الصادقة ومنها السرية ليتم التفكير بطريقة حيادية منزوعة أفضلية التعاطف أو استحسان الميل لطرف على حساب طرف آخر لتنقية الفحوَى ، فنصل إلى استنتاجات غريبة ومنها إسرائيل المهددة تكون حقيقة من طرف إيران ليس العرب والثائر الخميني لا زال في منفاه بباريس الفرنسية لم يعلن  في الأمر أي فتوى ، ولن تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية بما يصل اليه تحالف الشيوعيين عبر العالم في فترة يتآكل من تلقاء نفسه كل نظام استغلَّ ببشاعة قدرات الإنسان ليصبح سلعة تباع وتُشترى بأبخس الأثمان  وقد فقد حتى حق القبر كآخر مَثْوى.  

... علمتنا أوروبا أننا لا نعلم شيئا حتى عن أنفسنا حينما تقاطرنا عليها انقادا مما اجتاحنا من سوء تدبير من وضعتهم الأقدار على رأسنا حكاماً وما كان بأيدينا أن نرفض نتقبَّل الأمر خوفاً وليس تصرُّفاً ذكياً ولا اعتماداً على تغيير لأن المُؤسس على باطل يبقَى بسلاح الفساد مُكمِّماً أفواه الذين ظنوا أنهم الأفذاذ فإذا بهم لا يختلفون عن سواهم ممَّن تَبرَّأ منهم الآباء والأجداد التاركين إيانا أو لا زالوا مقيَّدين بالتتابع مع أبشع صور الإذلال في هذه الفانية مَن الحر بغضب الانتقام اشْتوى . استفدنا من أوروبا بما لم نقدر أن نفيد به وجودنا المتحرك وهو قائم في مكانه يحضرون له ممَّا حسبوها مسرات المهرجانات المدفوعة سياسيا وليس للترفيه المجاني على  أحد ذاق مُسبقاً من حنظل نفس البلْوَى ، الجياع يرقصون ومن اتخمهم الشبع يعتبرونها مناسبات لترسيخ أمكنتهم تجاه عوالم أخرى يتعاملون معها في الظلام للإبقاء على ما يزدردونه بغير حق  ولا خفقت أفئدتهم لإنصاف التَّقوَى ، ليس "بلفور" مَن يتحمَّل وحده وزر النكبة بل قبله ذاك الصنف من قادة عرب مغلوبين على أمرهم مَن زكوا الفاعل وقبضوا ثمنه بلا حياء من غدٍ يتكشَّف للجميع صنيعهم بمصير دولة وأمة  ستظل رغم كيد الكائدين في ضمائر الأحرار فلسطين وما دونها من صهاينة وأذنابهم يتهاوى .

...البهلولية قدَّمت لي نفسها وهي مدركة ما تفعل قلباً وعقلاً وتفكيراً متكاملاً انتظاراً ليومٍ قادمٍ يتَّضح لبعض الرقباء المُنعدمي الإحساس  بقدسية الجمال ، أن الحب نعمة متى التقطها المحب في لحظة (وإن كانت عابرة) واحتفظ بها ملبياً شروط الاحتفاظ عاش الحياة كما أوجدها الخالق لإسعاد البشر وليس لطمس شعورهم في جملة من الأعراف والتقاليد لا أساس لها في مثل الارتباطات الإنسانية إلا في تشكيل تعقيدات تسبح عكس تيار الطبيعة ، وبعيدة التذوق من بهاء حياة مفعمة بشريك يستحق لمشاركته الإخلاص والوفاء والولوج في مصير رابط بين امرأة ورجل دون الاحتياط من هالة منصبهما الوظيفي ولا ثقلهما المادي مادام لمِثل المواصفات نهاية قبل النهاية الأبدية المحتومة ، فقبلتُ عرضها حينما تيقنت أن المعاشرة ستكون على أساس للشَّرع فيه كلمة وللتشريع قانون ، إذ الأمر لا يملك فيه الزمن إلا تجاعيد يظهرها على وجهينا فيزيدهما إشراقا بما صمدنا ونحن نسافر من محطة تشكيك الغير فينا إلى الطمع في التزود ببعض من خدماتنا لصالح المجتمع مهما كان مكونا من الديانات الثلاث واللغات الحية عبر العالم . من يتزوج شرطية وهو ليس بشرطي لا يعني أنه أصبح رجل أمن مباشرة ، ولن يقدر إن احترم نفسه أن يستولي على أسرار مهنية لا علاقة له بها إن كان واعياً بمعنى حرمة التخصص ، والتقيد باحترام شكل وموضوع ما يجعل تحمل مسؤولية المتخصِّص فيه بمثابة الخط الأحمر لا يُسمَح بتجاوزه تحت أي مُسمَّى أو ظرف كان .  لهذا كانت البهلولية كامرأة أحببتُها بالنسبة لي (في تلك المرحلة) المسؤولية والأولوية .  

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

الاثنين، 5 يونيو 2023

البهلولية والمضايقات العائلية

 

البهلولية والمضايقات العائلية

طنجة : مصطفى منيغ

لا تَحْسِبَنَّ صِنفاً من الإرادة  طَوعَ مَن لمُمارستها أرَاد ، تتمَنَّع أكثرَ الأوقات حتى تتأكد ، أن طالبها مِن جِدِّية إلحاحه  الالتِحاق بطوابيرها عبر العالم زَاد ، لتُلْقِي على صدره رُزْمَانَة من الشروط أخفّها متكيِّفة في جوهرها مع أقصر مَدى سَاد ، إن تمكَّن مِن ضبط أسلوبه في الحياة حلوها ومرّها على نسقٍ واحد حازم لا يتغيَّر له البداية والحَدّ ، ينتقل بينهما بعقلٍ مُدرك أن النفاق مُسيطر والحسد قائم بالمرصاد ، والشر على ناصية طريق ينتظر على الأقل أحد ، مِن الخارجين على الطبيعة بدهاء لا يرضاه موسى أو عيسى أو أحمد ، عليهم السلام وكامل التَّوقير أكثر من الطيبات المعدودات في دنيانا عَدَد . الإرادة لا تمنحها إدارة تُكتسَب من خلال أصدق إيمان أن الإنسان وُلِدَ لهدف تعمير البسيطة لاستمرار ما يتحرَّك فوقها في حاجة إلى انضباط بالحق حتى لا يهيمن القليل بالباطل على السواد و فيهم الأبيض والأصفر والأسود ، فهل للإسرائيليين إرادة لإبعاد الخَلْق جميعهم من شرور ما  بفلسطين يفعلون مرة لإشهار قوتهم مدَّعين أنها لا تُقهر ومرات مجرورين بطبع العِناد  ؟ ، التشكيك مُسجَّل على نطاق واسعٍ مُستثني بعض قيادات دول عربية مشرقية المساهمين بكيفية أو أخرى في إطالة أمد ما جرى ويجري خدمة لمصالحهم (دون شعوبهم) مع الحاكمة الكبرى وإن نأت عن المكان فثمَّة إسرائيل متورطة حتى النهاية تحت إمرتها بانبطاح مصيره حتى الآن غير مُحدّد.  

... للبهلولية إرادة أحبت بها شخصي المتواضع رغم الحرب المعلنة عليها بسببي من لدن جهاز يعتبر نفسه صاحب آخر كلمة في حقي إن قالها بلا نِقاش الأفضل أن تُنَفَّذ ، وإن أخفت البهلولية علىَّ الموضوع حتى لا أهاب أو أدهش من شأنه أو كأضعف الإيمان أرحل من مجموع بلجيكا لكنها اكتشفت في ذات الوقت أن لي من الإرادة ما يجعلني مهما كلفني الأمر أن أصمد و أتجلَّد .

مند البداية أقحمتُ نفسي بالمرور وسط نفقٍ الإفلات منه إنْ حَصَل َيفتح المسالك العادية الأخرى بأيسر مجهود يُبذل مهما كانت الرؤية السياسية  ليلاً أو نهارا و ما سَمَحَ به الشَّفق ليستعدَّ مَن يحاصره الظلام بما عساه استعَد ، ليست الحرية كما تخيلها العربي قبل مغادر الشريط الجغرافي الممتَد ، من المحيط إلى الخليج والمُوَزَّع على اثنين وعشرين فريقاً ولو وحدتهم اللغة وضمن خيرهم الدين الواحد ظلوا متشبثين بنزعة وعصبية الفُرْقَة لذا كل ضغط من لدنهم على إسرائيل في حينه يتجمَّد ، إذ لا وجود لرابط يحتِّم على قومَتِهم إن وقعت (كمعجزة) قادر بها أن يتمدد ، بل الحرية تصرف تربوي صرفت بلجيكا عليه نصف عمرها لتحقِّق سريان المفهوم للحرية ملازم للاحترام والتوقير ومحبة المساواة تحت مظلة عدالة ماسكة ميزان الإنصاف بكفتي الحقوق والواجبات في إحداها والقوانين المعمول بها في جميع المجالات في أخراها ليس بها ما يعني أن هناك الأعيان والأسياد ، فجاءت الحرية بالنظام والانتظام وإعطاء المسؤولية لمن يوفرها له جهده المعرفي العلمي واستعداده المطلق لخدمة الصالح العام وفق منظور جماعي السِّمات الرافض دواعي الهيمنة في المهد . الحرية قول "لا" عن اقتناع كاسب الضوء الأخضر من الحكيم الضمير المحلِّل الدقيق بآليات أوجدها الخالق المبدع لتكون الحصن الحصين لمن اعتبر الحياة في الفانية مجرد عبور للخالدة فعبَّر بصراحة الصراحة  مهما كان الموضوع وأجاد ، و"نَعَم" أيضا مقابل أخلاقيات صفاء شروط الاختبار البعيد عن مسك الثمن كخيانة للعهد ، المبرم بين الصلحاء القابلين النقاش قبل خوض أي معمعة أو السكون للراحة الكافية قصد التمعن في وسائل وإمكانات الاستعداد ، لمواجهة المُتَّخِذِ الطريق العمومي على هواه غير تارك نافعة إلا ولها هَدّ ، وللباقيات على فضاء أرحب هدَّد .

...كلما رغبت في احتساء كوب قهوة معدَّة على الطريقة الأمريكية الصرفة خارج بيتي قصدتُ المتجر الضَّخم المسمَّى آنذاك "شَرْمَا" المطلّ على الشارع الملكي القريب من مقر عملي كأحد المُلحقين بالمكتبة الفرنسية التابعة لوكالة توزيع الصحف الكائنة في زقاق "بِرْسِيل" ، وبينما أنا جالس اقترب منى رجل ، أنيق الملبس وسيم الطلعة يسبقه الإعجاب بنفسه لدرجة لا غبار عليها ، ليسألني إن كنت أعرفه ولم يستغرب إن أجبته بنعم وبكونه والد البهلولية الذي رأيت صورنه ضمن صور عائلية أخرى في حجرة نومها ، وقبل أن يستمر طلب مني أن اتبعه لأي مكان هادئ لمعالجة موضوع أزْيَدَ من خطير ، لبَّيتُ فحوى طلبه وفي ركن من نزل "الملكي" الفخم الذي اختاره ليبارزني على سجيته في نقاش حسبته عاديا ًعكس الذي اعتبره بالحاسم ، قال لي بفرنسية متقطِّعة وبأسلوب تتجلَّى معه العصبية الممزوجة بكبرياء مصطنع لا يتقن تجسيمه إلا في لحظات يريد فيها اهتمام الغير به :

- اعلم يا مصطفى منيغ أن حياتك منذ ارتباطك ولو المؤقت بابنتي أصبحت مهددة بتصفية جسدك في أي لحظة يتم تعيينها من جهة الأفضل أن تجهل مَن تكون ، أمَّا إن عرفتها إسْوَدَ العالم أمامك وضاقت بك الأرض أينما اتَّجهت حتى داخل المغرب ، فان كنت قادرا على التفكير الموضوعي الميَّال لمنح الموقف ما يستحق من عناية قصوى ، أن تترك ابنتي وعالمها الخاص الذي كَوَّنته بعرق جبينها واجتهادها الأسطوري في الحصول على أعلى الدرجات العلمية من أحسن كليات جامعات المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ، وأيضاً بذكائها الفارضة به وجودها في أوساط لو تخيلتها فقط ، لهربت بنفسك إلي جزيرة مَلْطَا لقضاء ما تبقَّى من عمرك لا يعرفك أحد حتى تبخُّر رائحتك من هذه الدنيا . أعتقد أنك استوعبت الرسالة التي حضرت بنفسي لأبلغك ما ترمي اليه من أوامر عليك بطاعتها على الفور وإلا لن تشرق على رأسك شمس الغد .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

المقاومة اللبنانية والخطَّة الآنية

  المقاومة اللبنانية والخطَّة الآنية القصر الكبير : مصطفى منيغ انقَلعَ الشعور بمسؤولية التضامن الواقعي مع مِحَنِ المظلومين عن ضمير ما يُ...