الجزائر وتقلُّب الدوائر / 3
سبتة
: مصطفى مُنِيغْ
ونحن على مائدة
الإفطار فاتحتني الحسناء الجزائرية بطلبٍ أغرب من غريب خيال ، لو لم أكن أعرفها
جيِّداً لذهبت بي الظنون حَدَّ الابتعاد عنها في الحال ، لكن حبَّ الاستطلاع
أبقاني هادئاً حتى أتبيَّن ولو الضئيل من ذاك المستحيل المُحال ، فما أصعب على
الغارق في سبات يحلم بامتصاص رحيق العسل ، أن تُوخِزَهُ إبرة تستفيقه هلوعاً ليجد
قُدَّامَهُ ما لا يخطر على بال ، أو أعمَى حَسب المسلك مستوى الأرضية كالمُعتاد
فيقع في حفرة عميقة متروكة عارية منذ لحظات مِمَّن يبدؤون العمل ويتركونه دون
اكتمال . قالت لي متوسلة بصوت حنون مضبوط بجدّية دبلوماسية تسعى للحصول على نتيجة
مرضية : - أريدكَ أن تصطحبني في جولةٍ طويلة عريضة نصل فيها لعمق الجزائر ، دوائر كانت أو مُدناً
أو مجموعة من قُرَى الأريافِ ، للإطلِّاع المُباشر على الأحوال المُعاشَةِ هناك ،
مهما كانت المجالات ، والإصغاء دون وسطاء لأصوات المواطنين على مختلف الأعمار ، وبالتالي
الوقوف وجها لوجه مع جلِّ المنجزات لتتمَّ المقارنة بينها وواردات الجزائر من
بيعها النفط والغاز وخيرات أخرى تستقر في البلاد الأجنبية عن سبب ما أو بدونه ،
والغرض من كل هذا أن تؤلف كتاباً نستطيع به الإعلان عن موقفنا ونحن نحاول أنفاد
الوطن إن كان بالفعل يستحقُّ الاتقاد ، غير قاصدين خدمة أي جهة كانت ، وإنما قياماً بواجبنا كأبناء وبنات أحرار
وحرائر الجزائر الحرة المستقلَّة الناشدة التقدُّم والازدهار ، في إطار العدالة
والمساواة والكرامة الإنسانية ، طبعاً ستحاولُ اقناعي أن هناك مِن الجزائريين
والجزائريات ما يمكنهم القيام بمثل المهمة النبيلة أحسن منك بكثير ، لكنني أؤكِّد ُلكَ
أنك المطلوب في هذه المرحلة بالذات ، من لدى العديد من الإخوة والأخوات ممن جئتُ إليكَ
نائبة عنهم اعتماداً على مرجعيَّة الظاهر أنكَ نسيتها ، لكن تاريخ نضالك في قلب
الجزائر لا زالَ مَكنوناً في ضمائر المدركين مَنْ خَدمَ الجزائر ومَن استغَلَّها
لخدمته ، وأيضا ما هو مُسَجَّل في تقارير موضوعة رهن إشارة المهتمين بما مَرَّ ومَن
تَرك أثناءَ مروره بصمات يُعاد استقراؤها باحترام وإجلال واسمكَ من ضمن هؤلاء ، فلولا
قدراتك الفكرية لما استعان بك فخامة الرئيس الراحل الهواري بومدين للتَّنظير
وتنظيم الانتشار الإعلامي الواسع لثوراته الثلاث الصناعية والفلاحية والاجتماعية ،
ولولا براعتك في الوصف الدقيق للأحداث الدرامية لما قبلتكَ الإذاعة والتلفزة الجزائرية
منتجاً لها ، حيث أبدعتَ في مسلسلات من تأليفك كمسلسل الشيطان الذي أخرجه الفنان
التونسي الأستاذ القيطاري ، وأعمال أخرى لا زالت مطبوعة بأثرك الطيب ، ولولا فصاحة
لسانك وقدرتك على التكيُّف السريع مع أحدات لها وزنها على مستوى مصير دولة وأمة ،
لما سمعكَ الشعب الجزائري لمدة ثلاث سنوات ، وأنتَ تخاطبه متقمِّصاً شخصية "عَمِّى
صالح الجزائري"، بمعدَّل ساعتين في اليوم الواحد ، انطلاقاً من إذاعة وجدة
الجهوية في إطار برنامج "صوت الحق" أو من إذاعة طنجة ضمن برنامج "منبر
الحقائق" أو الإذاعة المركزية بالرباط ، بالإضافة لعشرات الأنشطة التي عرفت
مشاركتك الفعَّالة ، القائمة على الابتكار، الواضعة أسس بدايات موفقة لعديد من
فروع السياسة والأدب والفن. ... صبرتُ عليها لغاية الانتهاء من عرضها المتضمِّن
محاولة التأثير عليّ ، لأقبل خوض مثل المغامرة البعيدة كل البعد عن سلامة الخروج
منها ولو بنسبة تقل عن القليل بقليل أقَّل ، لكنها دعوة يتخللها الصدق ويغمرها
حماس نضال سلمي نظيف ، الهدف منه معرفة ما بجري في الجزائر جملة وتفصيلاً ، لتحديدِ
مَكْمَنِ الخَلَلِ عن طُرُقٍ في البحث والتقصِّي علمية أكاديمية ، تقبل النقاش الحر
ساعة العرض دون أن يطالها الشك أبدا ، والإفصاح الصريح بمسؤولية المسؤول الذي جعل
الجزائر تعاني من النقص التنموي والتطوُّر الاجتماعي ، لانجاز التقدّم صوب مستقبل
مشرق المعالم ، الخالي من ترقيع المُرقَّع
، وحياكة المؤقت بخيوط الادعاء الداعي إلى مزيد الانغلاق العقيم ، وليس التفتُّح
المستقيم .
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
الجزائر وتقلُّب الدوائر / 3
2
http://www.sanaanews.net/news-92183.htm
3
4
https://www.amad.ps/ar/post/510617
5
6
8
9
https://al-bayader.org/2023/08/654373/
10
https://www.ahewar.org/news/s.news.asp?nid=5276291
11
12